ععععععععععع

عمال المناطق القروية بين فرحة العيد ومعاناة السفر



وها نحن نوشك على توديع رمضان وبعده مباشرة سنستقبل الضيف الذي ينتظره الجميع على أحر من  الجمر ، حيث تهب نسائم الصيف ، محملة بعبق لقاء الأقارب ، ومسربلة بطعم الحنين إلى مسقط الرأس ، وممتزجة بالأشواق الفياضة لجلسات الشاي تحت أفياء الدوالي التي تجود بكل ما اختزنته طوال السنة فرحا بمقدم البعيد / القريب .
غير أن هذا الحدث رغم قدسيته وما يحمله الينا من البهجة والسرور ، فهو يشكل لدى البعض هما وكابوسا تلازمه تبعاته قبل وبعد حلوله بمدة .
ولعل من جرب السفر قبيل العيد هو الذي سيشاطرني الرأي ، خاصة أولائك الذين يتجشمون الصعاب للتنقل من المدن الى المناطق النائية ، وكلهم أمل في أن تمر الرحلة بسلام …ولكن هيهات ، فقد تجري الرياح بما لا تشتهي سفنهم .
والمفارقة الغريبة التي لا يحتملها المنطق هي تباين المعاملة التي يقابل بها عمالنا في الخارج مع تلك التي هي من نصيب نظرائهم في الداخل …فلدى الفئة الأولى تكون العودة متميزة بكل المقاييس تقوم لها الدنيا ولا تقعد ، بدءا بوسائل الإعلام التي تخصص وصلات إشهارية مثيرة للترحيب بهم ، و انتهاء بوزارتهم التي تخصص مكاتب خاصة لاستقبالهم ، وتطالعم عبارة ” مرحبا بعمالنا في الخارج” أينما حلوا ….أما الفئة الثانية فلا مرحبا بها ، وقدرها أن تعيش مع المعاناة ولا شيء غير المعاناة …وأولها الحصول على تذكرة السفر بشق الأنفس حيث ارتفاع الأثمان، وابتزاز الوسطاء «الكورتية» الذين ينتشرون خارج المحطة وداخلها يروجون للتذاكر بالأثمنة التي يريدونها ، اضافة الى سوء التنظيم،وانتشار السرقة،والمناوشات والمشادات الكلامية،التي كثيرا ما تتحول إلى شجارات بين المسافرين أو بين أصحاب حافلات النقل. كما تغيب أدنى الضروريات لراحة المسافرين ، فنجد الانتشار العشوائي للقمامات في زوايا المحطة،مشكّلة بذلك منظرا تشمئز منه النفوس جراء الروائح الكريهة المنبعثة منها، أما بعض الحافلات فقد باتت تصلح لكل شيئ ماعدا نقل البشر نظرا لحالتها الميكانيكية المهترئة ، لأن الهدف الذي سطره أرباب الشركات هو الربح المادي ولو على حساب كرامة الزبون ، ولا أحد يفكر في العواقب التي غالبا ما تنتهي بحوادث سير مميتة ـ وقانا الله شرها ـ ….أما اذا كان المسافر مصحوبا بعائلته الصغيرة فتلك قصة أخرى لن تصادف مثيلا لها الا في الأفلام….وهكذا تستمر الرحلة وتتبدد هذم الصعاب رغم قساوتها بفعل الحنين لمعانقة الأصل ، غير أن الشوط الثاني سرعان ما سينطلق بمجرد دخول الحافلة الى محطة الوصول ، وهنا سينقب المسافر على وسيلة أخرى تقله الى مقر سكن العائلة القابع وسط جبل محاط بمسالك وعرة لا يستطيع فك طلاميسها سوى أصحاب النقل السري أو ما يصطلح عليه ” الخطافة” : الذين يستغلون بدورهم الأزمة ويحملون سياراتهم ما لا طاقة لها به ، الى درجة أنك لا تستطيع التمييز بين  البشر والبضائع وحتى المواشي بفعل التكدس و الغبار المتطاير  ، فالكل يتعايش ويتبادل تبريكات العيد دون اكتراث وقد قرروا تأجيل عد الخسائر الى ما بعد العيد تفاديا لتعكير جو الغبطة في تامازيرت .
انه مغرب آخر حيث لازال قاطنوه لا يعرفون عن السكة الحديدية الا ما لمحته مقلهم صدفة في شريط تلفزيوني ، ولا زالوا يحلمون بولادة جمعيات خاصة بحقوق المسافر يمكنها أن تضطلع ولو بقسط يسير مما تقوم به جمعيات حقوق الحيوان في الغرب .
عيد مبارك سعيد وكل عام وعمالنا في الداخل بألف خير  .

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك