ععععععععععع

الزين إيلافيك !

المبدع عبد السلام ادير
زينب شابة يافعة مقبلة على الحياة بكل امل وتفاؤل .هي في سن الزواج ،ومازال لم يتضح مستقبل حبها .تعارفت مع محسن من قرية اخرى ومنذ ايام دراستها . استطاع بلطافته ان يمنحها الثقة في نفسها .تطورت علاقتهما عبر الهاتف ووسائل اخرى .فاصبحا لا يتصوران الحياة منفردين .
منذ ايام فقط ، لمح اليها ما يفيد أنه ينوي التقدم لخطوبتها. لكنها لم تاخذ كلامه بالجدية اللازمة بعد.
،فرغم انها تجد في داخلها ميلا واضحا الى حبه وارتياحها لمقدماته ،الا انها لا تستسيغ بقائهما يعيشان على مايشبه الوهم ،سيما والمجتمع المحيط بهما لا يعترف بالعلاقة بينهما خارج اطار الزواج والاعراف المحلية. من جهته لم يخالفها هذا الراي ،ويعي جيدا ماينبغي فعله ،فهو مفتتن بها ،ويريد وضع حد لنظرات وكلام الناس في موضوعهما.
منذ ولجت زينب غرفتها ،وامها تنتظرها لاعداد وجبة العشاء . لكنها تماطلت لانشغالها بالاستعداد للخروج مع بنات الجيران لحضور "الهدية".
.كان الوقت غروبا ، .والقرية تودع قمم حيطانها واسطحها آخر ما تعكسه من اشعة الشمس المسائية .الذهبية.
امسية صيفية بامتياز ،ولا حديث هذه الايام في معظم البوادي ،الا حول الاعراس والمناسبات العائلية .التي تبرمج لعطلة الصيف.
صخب غير عادي وسماع تقتقات "التعريجة" والدفوف تتقطع وتيرتها قليلا او تستمر حسب التيارات الهوائية التي تحمل صوت عزفاتها الى الآذان من اقصى القرية.
.هناك بمنزل في زاوية من القرية يقام اليوم عرس صديقتها فاضمة . وعادة في الليلة الاولى من الزفاف تكون خاصة ب "هدية "البنات لفائدة العروس .
،تتقاطر شابات القرية العزباوات من كل حدب موعدهن بيت العروسة تقدم الهدايا اليها على انغام اهازيج محلية يتخللها رقص وفرجة خاصة تغري الكثيرين للتطاول بالاعناق والتطفل ، خاصة شباب الدوار البالغين ،في اطار حضور غير رسمي او مايمكن تسميته الحق في البحث عن زوجة المستقبل.تلصصا للنظر الى المحتفلات .المدعوات .
زينب في بيتها لازالت تذهب وتجي وهي على الاعصاب لتاخرها عن الموعد .لقد نادت عليها للتو آخر صديقاتها لمتاخرات من "دريبتها "
امها تتفهم نفسية ابنتها المستعجلة لكنها تحتاط دائما من صرامة ابيها . هو الذي يوشك على العودة من صلاة المغرب ليطالب بإحضار العشاء ،وهو يعتمد في ذلك عادة ،على ابنته البكر زينب ،التي رباها في جو محافظ نوعا ما.ولم يعودها قط تجاوز حدود اللياقة معه .
لم تتجرأ مثلا على طرح اي من تلك المواضيع التي تعد مقبولة في كثير من البيوت اليوم .كالحب والزواج وغيره الا ناذرا جدا. هكذا علاقتها بأبيها.
زينب تعلمت الكثير عن ماضي ابيها العاطفي والذي لم يكن ليتجاوز بعض النظرات والرسائل بينه وبين امها حين نويا الزواج لكن اليوم تغيرت الامور ولم تجد عيبا في ان تتخذ بدورها عشيقا وبحسن نية ،اسوة بكثيرات من صديقاتها..وواقع مجتمعها
.امها اقرب شخص اليها تعلم ببعض اسرارها وتعلم حتى ان عجلتها هذا المساء ورائها حكاية دافع ما . احتمال لقاءها بمحسن ،الفتى الكتوم و البشوش في نفس الوقت ، من القرية المجاورة . لقد اثر على ابنتها وعلى وجدانها واستحوذ على غير قليل من افكارها ووقتها بشخصيته الخاصة وطبعه الهادئ.
.تلك كانت آخر المعلومات عند امها عن المدعو محسن، الا ان زينب تبدو انها تعاني ارتباكا هذه العشية ،وكأن امرا استجد في قصتهما العاطفية.
لقد اخبرتها احدى الصديقاتبدعاية مفادها أن محسنها شوهد مع احداهن وهو في علاقة يغلب الظن انها حميمية ،فارادت زينب ان تفعل المستحيل لتراه بمناسبة هذا المساء وتتبين حقيقة ماتسمع.رغم انها تستبعد ان يفكر يوما في غيرها.
واخيرا قبلت الام بعد اخذها ضمانات من ابنتها بأن تتولى امر العشاء وكذلك امر اقناع الاب وتتركها تخرج الى الحفلة على الا تطيل المكوث .
لبست ما يجعلها متميزة وجذابة ،جعلت هدية العروسة في محفظتها ،ورقة خمسين درهما وديكورا لوحة لمشموم من الورد احتفظت به لمدة.
كانت الازقة مضاءة بمصابيح عمومية ،وتشهد حركية غير معتادة ،اطفال يتسابقون ويمرحون . وباقترابها ا من بيت العرس ،رات سيارات مركونة وشبابا مراهقا يشاغب بضحكاته وحركاته وحيويته منظر المكان ،ويتبادل اخر الابتكارات في التواصل والملاحظات الظريفة كلما مر بهم فوج من الفتيات . يتجمع ويحتفل الشباب القروي عادة بطريقته ويصيد الفرص للتعبير عن فحولته وتميزه حينما تحضره مثل تلك المناسبات.
كما يستغل عدم الاكتضاض في اليوم الاول من العرس ليتفقد عن قرب ماامكن مايعرض من سلعة الجمال والاغراء.
حاولت زينب مسح كل الامكنة التي يتوقع وقوف محسن بها ،وخطفت النظرات الى كل المجموعات من الفتيان على جنبات الطريق حتى مدخل بيت العروسة ،لكن لم تجد له اثرا.
هو الذي لم يتخلف عن اماكن تواجد اقرانه ،ولم يسبق ان كذب عليها من قبل .هو الذي اسمعها من كلام الغزل اعذب الوانه.هاهو يثير قلقها ،فتدخل في افتراضات مسبقة حتى بعد وجودها وسط جوقة البنات حول العروسة.
كانت تخفي امرها ،وحاولت الاندماج مع جو الاهازيج ،موزعة ابتسامات مجاملة على كل من نظر اليها.
بحثت بنظرها علها ترى صديقتها التي كانت قد شككت لها من قبل في علاقة محسن بها ،فلم تكن موجودة .
كانت زميلتان في ركن بعيد من غرفة العروسة المكتض ،تتفاكهان تقهقهان ،بشكل اقرب الى الهستيريا .التفتت ناحيتهما زينب فناديانها ،فلبت واشارت احداهن لها بالجلوس قربهما ففعلت ،لكنهما استمرتا في ضحكاتهما غير المؤدبة تتلاغزان على زينب بكلام فيه من المعنى مايفيد ان زينب "المغفلة" "هزها الماء " وفاتها القطار ،
كاد قلبها يقفز من مكانه حينما تحملت منهما صبرا لتسمع تكملة هرائهما ان محسن احضر عائلته اليوم بالذات ليطلب يد فتاة في نفس الدوار لم تكن غير "فتيحة " التي اكدت لها انه لم يعد يرغب فيها.ففهمت سبب غيابها عن الحفلة .
استدار المكان بها وكادت تستسلم لإغماء يغلب على طاقة قلبهاالضعيف.ترى تلك الحمقاء فتيحة كيف تجرؤ على خيانتها وسرقة حبيبها منها .وحتى مستوى الجمال عندها ابعد من ان يقارن بجمال زينب وحسن طلعتها هخلقها المؤدب.
لم تعد تجد اي مذاق للحفلة التي هي فيها ،ولم تعلم مايمكن ان تفعله.
نادت على احدى الرفيقات ،لترافقها الى المنزل ،وتصنعت اعذارا لمغادرة ذالك المكان الذي صار بالنسبة اليها ابغض بقعة على الكوكب . فاندفعت خارجة تلعن كل سبيل اتى بها لتسمع اثقل نبإ على فؤادها .فتى احلامها الذي طالما اعتبرته اعقل الشباب ،واخلص الناس واقربهم الى ترددات مشاعرها ،هاهو يظهر على حقيقته ،يعصف باحلامها وآمالها ،يغرس خنجر الغدر في ظهرها ،
ليرتمي ببساطة في حضن فتاة اخرى .
تحولت حياتها الى جحيم ،وكأن الدهر والحظ لها بالمرصاد ، فاطلقت العنان للدمع ،وتسرب الياس الى قلبها الصغير ،الذي كان الى وقت قريب مفعم بالاحاسيس الوردية والحيوية والطمانينة.
حينما ينكسر القلب من علاقة بعد الفة طالت اياما ،وسهرا ، امتد لياليا طوالا ،لم يعد مجديا الا استنزال اللعنات وترقب الويل ووجع الوحدة ودمار المشاعر.
كانت مرافقتها اصغر من ان تتفهم حيثيات نفسية زينب التي انقبضت فجاة ،وتخللها كضم وزفير ودموع.
تسللت الى البيت ،وولجت غرفتها ،دون ان تثير ملاحظة امها التي كانت منشغلة حينئذ ،فوقعت على بطنها وتمددت على سريرها تفرز لمزيد من دموع الاحزان ووابل الآهات التي تكالبت عليها فجاة هذا المساء.
نهضت فجأة ،وهمت بتكسير كل شيء حولها انتقاما من هذا الحظ الذي اسقطها في احضان غشاش ماكر ،فكرت في استخراج كل صوره وهداياه الزائفة من دولاب خزانتها ،لتنتقم بحرقها ،وجعلت تجمع كل شيء يمت اليه بصلة .عزاء لقلبها المنكسر ...
امها تدخل وتجدها على تلك الحالة ،فيصيبها الذعر ،والغرابة من حالة ابنتها ، التي عاينت على خذ ها اثر الدمع والمعانات ...
ليس عند زينب الوقت لاخفاء امرها مع محسن فتماسكت و سردت كل شيء ،ولم تشأ أن تضعف امام الامر خاصة وهي التي تظهر دوما امام عيني امها بمظهر الشابة المثقفة العارفة ،الآخذة بزمام شؤونها.بل وتعلمت امها منها الكثير من الامور بحكم حيازتها مستوى تعليميا لاباس به
-<< ..يا روعي عليك ياابنتي ،جعلتي قلبي يدوب عليك خوفا. ظننتك ،مصابة باي مكروه .>> تقول امها بعد سمعت مقتضبا مما جرى .
-<< ..من الذي ضحك عليك بهذه الاكاذيب ،؟ من الذي استغل سداجتك ورمى بك في هذه الحالة .لماذا تقسين على نفسك هكذا دون سبب ؟
ترد على امها كامجنونة : - كيف ذلك ،دون سبب ؟ ماذا تقصدين يااماه ؟
فتواصل الام كلامها ،وفي محياها ضحكة ساخرة. وكأن في جعبتها امر لاتعلمه الفتاة .مما زاد من ارتباكها . واضافت : << ماتلك ياابنتي امامك ؟ اهي صور محسن ؟>>.
- وما ادراك يا امي ،اني احببت احراقها واحراق اي دليل على علاقتي بذاك ...ال...
فاخرستها امها بقولها : ياغبية ،محسن الآن عندنا في بيت الضيوف ومعه امه وهي ترغب في رؤيتك .لقد بقي في وعده لك واتى خاطبا ،
فبقيت الفتاة فاتحة فمها وهي تسمع الخبر الجديد من امها ،وتكاد لاتصدق ماذا يقع في حياتها اليوم.
-<< نعم انه محسن بلحمه وعظمه ،وانت من قلت دائما انه لا يكذب ولا يعبث بمشاعرك . تعالي لتنظري بنفسك .
- ماذا ؟ الم يذهب لخطبة فتيحة بنت النجار ؟
-بل جاء ليخطبك انت ،فانهضي ورتبي هيئتك وتعالي الى ابيك يسال عنك ،ويريد تقديمك لوالدة محسن .
-تملك زينب احساس لايوصف ،وهي لم تصدق بعد ،وكادت يغمى عليها من الفرحة ،ولم تدري ماتفعل ،وتمنت لو انها تلقى محسنا ف.... استحيت من غبائها ومن حكمها المتسرع على كلام الناس ،
اخذت الهاتف وطلبت اعز صديقاتها التي حضرت لتؤازرها وتشاركها اقوى لحظات حياتها .
ظنت لبعض الوقت انها تحلم ،عانقت امها وهي في قمة الانتشاء،ودموع الفرح تبح صوتها.
- ياللهول ! يا لسخرية الاشياء !لم يخب املي فيك يامحسن !لقد كنت دائما مخلصا لوعودك ،دقيقا في احتمالاتك ، كيف اجعلك تسامحني ؟ وكيف اسامح نفسي ا؟ انا التي تجرات وشككت في مروئتك ،وان كان الجميع يذكرونك بالاستقامة وحسن الخلق ؟
تساؤلات ،عمقت من احساسها بالخجل ،وان كان اللوم يقع على صديقتيها التين وسوستا لها وادخلتاها نوبة من الظنون والتسرع في الحكم على من سكه قلبها منذ شهور.
- لقد كدت ان افقد حسن ظنك بي يامحسن ،ولو كانت اية فتاة مكاني ،فماخلتها تتصرف الا كما تصرفت .
.... تشجعت ودخلت على ابيها وضيوفه ،وسلمت على الجميع واستدارت للخروج في حياء وصدرها يضيق بقلبها من وطأة الموقف ،بينما الخطيب الوسيم الذي لم يستطع اخفاء مشاعر الحياء ،وان تمكن من خطف نظرات اليها ،ليجدها اكثر اشراقا ،واكثر سحرا وجمالا. اعجبه تادبها في السلام على الحضور ،فنظر في عيني والدته متفقدا ردة فعلها ،واثقا من حسن اختياره.
بالفعل بالغت ام محسن في استحسان اختيار ولدها،وعبرت عن سرورها وتشجعت للدخول في ادبيات طلب يدها من والديها.الذين لم يترددا في قبول الطلب مبدئيا على أن تستانف المراسسيم المتعارف عليها خلال القادم من الايام...
غادر الضيفان ،ووجدت زينب الوقت للاختلاء بنفسها في غرفتها ، فتحت علبة الهدية التي احضرها محسن وبها فستان من أروع مايكون بالوان زاهية ،وقارورة فخمة من العطر النفيس، ولإكمال الفرحة تفاجأت بجهاز تليفون ،فاجاها كونه من اغلى نقالات ايفون الجيل الجديد .شغلته ،وفتحت علبة الرسائل مباشرة ، فاكتشفت خطابا من محسن داخل اطار كتبه برومانسية وعناية :
-شكرا على الضيافة حبيبتي ،شكرا لوالديك لقبول طلب عاشق مجنون .
سعادة لاتوصف وشعور فوق الطاقة .
لا اتصور مستقبلا الا في حظنك.
الى اللقاء حبيبة قلبي في اقرب الايام .
كانت غارقة في حلم اخذ كل وجدانها ،تقبل شاشة النقال ،ولم تفطن الى والدها الواقف بالقرب يبتسم ويستمتع بفرح ابنته المدللة .فتنحنح ،والتفتت اليه وانطلقت تحتضنه وتقبل يديه .
مبروك عليك ياابنتي ! واطلب من الله ان يجعل ايامك سعادة وهناء.

(رواية مرتجلة هدية لكل العشاق في ايت ايكاس ، بمناسبة اطلالة الصيف .اتمنى ان اكون موفقا ،في تجربتي المتواضعة هذه ،وفي اختيار الموضوع وملامسة الاذواق ،مع احترامي لكل الشباب وتمنياتي لهم بالمزيد من السعادة والنجاح .)

تعساء الطريق رقم 10




عبد السلام ادير :

اتفق أن استقللت احدى الحافلات من تلك التي كانت تجوب طريق تارودانت برحيل سنة 2013 ، وكان لها باب امامي واحد يستعمل للصعود كما للنزول.وكنت آتيا من برحيل نحو ايت ايكاس.
التقيت صدفة صديقا من ايت اكاس ،فتبادلنا التحايا ،وتطور الحوار ودخلنا في الحديث حول احوال احدى الجمعيات.المعروفة آنذاك بتورطها في صعوبات مالية وتدبيرية مؤلمة.
يحكى أن المفترض رئيس احدى الجمعيات في نواكشوط تهتم بماء السقي، ،كان داهية في استغلال نوايا صغار الفلاحين وفي التحكم في مالية الجمعية وقراراتها.
وباختصار كان تسييره كله ارتجاليا فوضويا ، وبالا على الفلاحين المنخرطين من الساكنة.
وإلا فلم أجد مايمكن أن يوصف به رئيس جمعية كان يتخذ جيوب معطفه" المشهور "المتعدد الجيوب كمكتب صالح لحمل الاوراق والاموال وطابع الامضاء بعلبة مداده ،ولو فتست كل الجيوب لاكتشفت جمعية مختصرة يحملها وتلتصق بهندامه كما بشخصه.
جمع الناس يوما على غير رضاه كما العادة،واقيمت ولائم الجمع العام وحضر الأكلة من كل نوع ومن كل حدب.
ضيوف رسميون ،وممثلوا الادارة وضيوف استثنائيون ،
قبل بدء تعداد المنخرطين.
تبدأ كؤوس الشاي والحلوى كمدخل لاستطابة نفسيات المقهورين من الفلاحين ومقدمة لاحتواء اية بوادر معارضة واشراك الجميع في " الطعام" ،تمهيدا لخلق إجماع حول اية قرارات في جعبة الرئيس "ومصفقيه ".المجانيين .
بمجرد التئام النصاب وبلوغ دفء كاس المنعنع واول عضة حلوى ،يبادر السيد الرئيس بعد مقدمة لاحد الموظفين ،فينهض ويتوسط الجلوس غير المتناسق (كل فرد او مجموعة تختلف في طريقة جلوسها ،وموضوع حديثها ) ، فيصيح في الناس ،بصوت طارق بن زياد حين هم بقطع مضيق المتوسط :
-وا عباد الله ، ها شغل نون ! فيخرج من احد الجيوب دفترا عاديا من 12 ورقة ،ويمكنك المراهنة معي أن الدفتر خال من اية كتابة، فيضرب به واضعا اياه على الطاولة.
لقد استطاع ان يوهم الحضور ألا قلة ،بأن كل الشؤون الادارية والمالية والمعطيات مقيدة بذلك الكناش الذي انقرض بيعه حتى في المكتبات.
-اسمعوا جزاكم الله خيرا ، هذه "أشيائكم" وحسابات الجمعية ،اضعها لمن يرغب في ان يخلفني ،انا...تعبت ..يكفيني من هذه المسؤولية...
يقول ذلك وهو واثق في نفسه ان لا احد يتجرأ في مثل تلك الحالة وتلك الظروف ،ووجوه الضيوف ،وفي انتظار طاجين الخروف وبالحلوى شغوف ،ان يتجرأ ويبدي استعداده لاخذ المشعل. اوحتى مجرد اخذ كلمة. نوع من التنويم وحسن استغلال التوقيت ل"تكليخ"(stupifaction) اغلبية الحضور خاصة "الاميين" منهم.
ينطلق التصفيق ،والصياح من اجل عدول الرئيس عن قراره المفاجئ والمؤسف والذي لايناسب رونق المكان المزين بصواني الشاي والوجوه المنيرة.
وحتى من احس باي امتعاض اوتحفظ ،لاسيما من الشباب ،يضيع صوته في ضجيج واستعطافات " اصحاب"ببقاء الرئيس على رأس الجمعية وتسيير مهامها ،فيعيدون الثقة فيه لسنوات اخرى ،رغم انها قد تأتي على مابقي من اخضرار في الحقول المعتمدة في ريها على المضخة التي تسيرها جمعيته.
يمرر التصويت على المكتب والتقريرين المالي والادبي دون ادنى معارضة لتفتح الابواب امام طقوس الشهية للولائم التي يحرص صاحبنا على ان تكون دسمة.
توقفت الحافلة في سيدي احماد ،صعد الركاب إلا من شاب طويل القامة يحمل دجاجة بيد،وعجلة دراجة بيد اخرى، وكان يركض باقصى سرعة في اتجاه باب الحافلة الذي بدات تتحرك . كنت انظر اليه عبر النافذة وهو ينطلق كالسهم لعله يدرك الحافلة،وقد تمكن اخيرا من ادخال رأسه فانغلق عليه الباب وبقي عالقا مثل السمكة ،قبل ان يرمقه السائق فاعاد فتح الباب ،فسقط الشاب ،وسلمت ابدانه ،لكن الدجاجة هربت شمالا والعجلة عادت الادراج نحو اولاد برحيل.
كانت ذلك اول حادث طريف صادفناه في تلك الرحلة، لكن بوصولنا قبالة زاوية افركان، اكتشفنا المزيد..
الفينا مجموعة نساء وبعض اطفال في انتظار الحافلة ،وكان بينهم شيخ كبير ،سبقه الجميع الى الاكتضاض حول الباب الامامي الوحيد للحافلة المكتضة أصلا ، عندما توقفت.
لم يشأ شيخنا ان يقحم نفسه في الزحام ،بل فطن الى فكرة يبدو انه اقتبسها من حكم القدماء من جيله ،المعروف بالحكمة.
توجه الشيخ الى الجانب الخلفي وكان ضعيف البصر ،وسار يدق بعكازه الصفيحة الجانبية للحافلة مفترضا ان يكون هناك باب ثاني لازحام عليه ويكون الشيخ سباقا لما لم يفطن له الاخرون..هه.
-داق داق !..حليا هنا !...
-ومازال يدق ولم يفطن له احد غير صديقي وانا، وقدحاولنا مساعدته بالصوت والاشارة لكن لم يكن يستطيع رؤيتنا ولاسماعنا عبر النافذة ،حتى تحركت الحافة ،وبقي الشيخ فاتحا فمه لم يعلم ماذا جرى ،ولا كيف اوصدوا الباب الخلفي في وجهه.

في رعاية الله

عبد السلام ادير :






شيخان فوق الثمانين ،ترافقا يتجولان ،تحت نسمات عشية ربيعية.
لم يكن غير مشروع الفتح ،الذي كان مسرحا لما حدث بينهما ،وانا على بعد امتار منهما بالصدفة.
يختلفان قليلا في القامة، وعمامتين بيضاوتين بياض الآيس كريم تغطيان وتزينان رأسيهما الغليظين.
لقد نزلا ذاك اليوم ضيفين على عائلة لهما هناك ،وخرجا ذاك المساء يعلنانها فسحة استكشافية ، مشيا ،مشية سلحفاة على قدميهما .
كانا يتحاوران بلهجتهما القبلية القديمة ،وبصوت طليق، بجمل جد مقتضبة ،ومصطلحات من المعاجم الغابرة.
كم كان الواحد منهما يثرثر ويتشبت برأيه ولا يبدي استسلاما لما يحكم به الآخر ، ويلوح بعكازه كتكملة لكلامه ، بينما يواري عنه الآخر وجهه معترضا .وكأنهما طفلين عنادا ورغبة في فرض الرأي وامتلاك الكلمة الاخيرة في الكلام.
لم تتأخر اللقطة المثيرة من المشهد حيث لما وصلا قبالة احدى البقع الفلاحية ،أراد احدهم ان يشير بعكازه ولوح به على شكل دائرة في الهواء ،يقصد أنه يعرف حدود تلك البقعة اكثر من الآخر .ويرسم حدودها افتراضيا بعكازه
<< شوف أحماد نتفيزا ..! هاتي البوقاعة نلحسين تومزد من القبلة ..تسكرد غيكا.."
فمرر عكازه بالضبط فوق رأس صاحبه .ضربت العصا عمامته من الجانب واسقطت جانبا منها، واستمرت العصا في اكمال دورة حدود بقعة لحوساين ...
فعضضت على شفتاي توقعا لما هو أسوأ..
لكن العجيب في الأمر أن صاحب العمامة التي تلقت الضربة لم يشعر ولم يفطن البتة لما وقع ،واستمر بشكل عادي تحيةفي طريقه .
والأعجب ان الذي ضرب عمامته غير قاصد
هو الآخر لم يدري نهائيا ماذا فعلت عصاه.
كنت غير مولع بالتصوير الى الحد الذي
يجعلني افكر في تسجيل لقطة لرجلين عجوزين يتفسحان ، في رعاية الله.
يبصر لهما ويسمع ،وهما في اوهن مراحل الحياة.
 لشيوخنا ، كيف نقنعهم اننا نفكر فيهم ونطلب لهم الصحة والعافية في كل يوم.

ضيافة خاصة


المبدع : عبد السلام ادير
  


(قصة واقعة )
وقف على بابه فجأة ،زمرة من الضيوف لم يتركوا له اية فرصة لاعداد ظروف الاستقبال على الوجه المطلوب.
اجلس زواره افخم غرفة عنده ،وبالكاد جمع فراش قيلولته امام اعينهم ،واسرعت امرأته في تعطير جو الغرفة ، فكبست بأصبعها على مفتاح قارورة المبيدات خطأ ،فملأت الغرفة ضبابا من مبيد الحشرات ظنا منها أنه المعطر الذي اقتنت منه قارورة منذ ايام.
رحب الزوج بالضيوف وخرج ينتظر زوجته المتثاقلة في المطبخ بفارغ الصبر. يريد أن يناقشها موضوع وجبة الغداء للضيوف ،
كان الجو مكفهرا من غبار رياح الشركي في هذه الايام الاولى من غشت.
جلس الضيفان يتصببان عرقا ،ويلطفان الهواء بما يملكان ،اطراف ثيابهما ،اما الصهر العجوز فخلع عمامته ليكشف عن صلعته المتعرقة ،بينما الحماة تلوح بمنديل صغير وهي توصي ابتها قبل خروجها الى المطبخ : لا تكلفي على نفسك ياابنتي ، ابوك وأنا ماجئنا الا للاستراحة قليلا عندك وسنذهب بعد حين.
-ويلي يا امي ، دائما في عجلة من امركما لابد أن أحضر كأس قهوة على الأقل.
العجوز الذي بدا عليه بعض الارهاق يقاوم بعينين عميقتين تكاد تغطيهما تجاعيد السنين الاشعة النافذة من الباب ليقول : <<أريد ياابنتي كأس ماء لأشرب وغلاية ماء لأتوضأ...>>
اجابت :لبيك يا ابي ،وهي تحت الخطى الى زوجها وهو على اعصابه. لا يملك عقدا على نقد ،ويعرف ان ليس في البيت ما يستحق ان يشرفه كوجبة لصهريه الثقيلين.

الزوجة تحاول تلطيف الاجواء والظهور ببعض الليونة في مواقفها. خاصة وهي تعرف طبيعة زوجها وتضايقه من ضيوف الصدفة خاصة اصهاره وقت قيلولته الزوالية. 
لقد حج اليه الضيفان على ظهر بغلتهما من مسافة بعيدة ،ولا مناص من تذوق الطعام قبل ان يغادرا.
اقترض من الزوجة خمسين درهما ،وبقي عليه ايجاد وسيلة نقل الى حيث الجزار لشراء اللحم. خرج وهو يلعن الظروف التي اوقعته في ذاك المأزق، لكن رغم ذلك،بقي في جعبته فكرة متميزة .
ذهب الى بيت اخيه فدق الباب ،واستأذن في الدخول ،واقترض منه دراجته النارية ،ولم يتقبل اخوه الطلب الا بشق الانفس وبشروط عنيفة...
أدار المحرك وركب ،وساعفته الدراجة رغم هرمها ،فانطلق بها يشق غبار ازقة ايت الغازي عبر ايت تامنت في اتجاه دكان الجزار نواحي محطة ايت ايكاس.
لقد كان يسير بسرعة غير مبررة وضميره تائه وعقله سائح ،ولم ينتبه لينقص من السرعة وهو امام آخر منعرج قبل مكان الدكان.
وفي المنعرج بالذات ،عوض أن يعمل دورة مناسبة ، جعلها رغما عنه دورة كبيرة لتفادي الانزلاق .
وجد نفسه وسط اكبر كومة من الاشواك،غرق فيها حتى النخاع ! وقد تكون حتى الخمسون درهما ضاعت بالمناسبة.
صارع كل تلك الظروف، وتمكن من الخروج وجر دراجته وهي مازالت تشتغل.
وصل الى الدكان دون اضاعة ثانية ،ودون حتى ان ينفض غبار ملابسه ،وما التصق بها من اشواك.
كانت حول منصة الجزار شردمة من الزبناء، تجاهلهم وتخطاهم اخونا وتوجه مباشرة الى الجزار الذي استغرب وفزع من الواقف فجأة ودون سلام .
.ودون ان يكون له الوقت للتركيز على كلماته ،قال اخونا التعس وبكلمات متسارعة : << أرا ليا دا محماد واحد كيلو تاع التمر ! >>.
فضحك من ضحك ،واستغرب من استغرب ،من حالة الرجل ،وهيأته ،وكلامه الغير منضبط.فحاولوا التهدئة من روعه .
ولما رجع الى وعيه ،ادخل يديه ليفتش كل جيوبه بحثا عن الخمسين درهما ...
وبينما هو كذلك ،اربت شخص واقف ورائه على كتفه ،فالتفت ، فقال له الشخص الغريب المشهور بكلام فيه الكثير من القوة والثقة : << الموطور ؟ >>
ولم يفهم صديقنا قصد الرجل تماما حتى اكمل معنى كلامه : <<قلت لك واش المطور عندو لوراق ؟ >>
-تبين من خلال سكوته ،مع ابقائه لفمه فاغرا ،أن الدراجة لا تملك ابسط الوثائق .
فقال الدركي :<< لاكارط ديالك ،وجيب مطور هنا !>>

قليل من الثرثرة



بقلم : عبد السلام ادير
هل من المفيد أن يقحم الرجل المرأة معه في وظيفته وعالمه وشؤونه التي اختارها بنفسه ؟لتعمل الى جانبه بشروطه.؟
أم من الأفضل أن نشجع المرأة على التألق في وظائف خاصة بها واختار ها لها المجتمع ؟مع بقائها الى جانب هذا الرجل ؟
هل المرأة الايكاسية مثلا ،مع تقديرنا للمرأة، طبعا، هل نرى لها أي دور في الاقتصاد والرواج الاقتصادي داخل مجتمعها ؟
يلاحظ الباحث في هذا الموضوع،لأول وهلة أن دور المرأة الايكاسية ،في ترويج النشاط المالي والاقتصادي ،أن مثل هذا الدور وإن وجد فهو باهت وغير ملموس .
نجد الرجل عندنا وهو يمارس مختلف محنه المعيشية اليومية ،يعتقد ويشكو أنه الوحيد المغرق في التعب والجهد ، المتبوع بمختلف اصناف الواجبات اللامنتهية.
الوحيد الذي لا يعذر عن إحضار وايصال الخبز اليومي لكل العائلة ،بغض النظر عن الظروف المالية والاجتماعية والنفسية والصحية الخاصة به.
اما المرأة عموما وباقي الافراد فلا يعتمد على مشاركتهم اتعاب المعيشة الا قليلا. وقد تجد من رجالنا من قد يسفه الأمر لو سألته لم لا تفتح الباب وتساعد ك المرأة والأبناء لتجربة مشاريع صغيرة ،يتعهدونها بأنفسهم ،وقد تستفيد منهم ربما مستقبلا للتخفيف عنك ولو نسبيا .؟
والحق أن استثمار اي مشروع انمائي بمنطقتنا مهما كان حجمه ، ومهما كانت حماستك اليه وقدرتك على تنفيذه ،أصبح من شبه المستحيلات .نظرا ،على مايبدو ، للأسباب الآتية :
1 -المصاريف اليومية التي اصبحت تدخل عليك البيت دون استئذان ،وتتشعب ،ولا تقبل ان تحمل الانتظار. وهذا يسبب عدم استقرار ذهني ونفسي ومادي لتوحيد الطاقة وتحديد اهداف مضبوطة في العائلة الوحيدة.
2-تراكم الواجبات المبرمجة وعدم تنظيمها وعدم توزيع المهام بكفائة ، يعطل التركيز ويشوش على المستقبل.
3- النظرة التقليدية من طرف الآباء الى الاولاد ،تلك النظرة التي تعتبر الابناء ورثيتوجب الاستعداد للرحيل عنهم عوض اعتبارهم رجال ونساء احرار في طريقة مواجهة حياتهم ،مستقلي التفكير ويعتمد عليهم الغد والمستقبل
فكاريكاتور الرجل الايكاسي العادي الى وقت قريب كان يصور على أنه ذلك الشخص ذو الجلباب والعمامة ،المتقلد لخنجره ومحفظة نقوذه تحت إبطه ،يسير وهو دائما في المقدمة ،بعده ابنائه ،وتتبعهم النساء والبنات .
الاولاد جنوده التبع ، وورثة برامجه ،اما البنات فمكانهن مع مهماتهن داخل البيت وشؤون الصغار ولا كلمة تعلو فوق اختياراته مادام حيا يرزق.
.
وهذه النظرة التي تجدرت في العقليات منذ فجر التاريخ ، والتي مافتئت تكرسهابعض التقاليد و المذاهب الدينية ،هي الاخرى لا زال لها وزن في مخيلة المجتمع وموروثه المعتقدي .رغم بعض مظاهر الانفتاح .
وهذا مما يكبح المبادرة الحرة لتفريخ وتبني أفكار جديدة لبلورة افكار مشاريع اقتصادية مذرة للمال ومنمية للرواج الاقتصادي الفردي والعائلي ،والذي له علاقة وثيقة وأثر جميل على الاقتصاد المحلي.
4- المؤسسات التربوية والتعليمية ،التي لازالت تعتمد على اساليب تقليدية ،تنميطية في توجيه النشء و لا تاخذ بعين الاعتبار دعمه للانفتاح على المحيط الاجتماعي والاقتصادي ،وخلق أنشطة محلية ،
كما انها لا تعزز ولا تواكب مسيرة التلاميذ للاندماج في المجتمع بترسانة اخلاقية ومعنويات نفسانية تسمح لهم بتلقي تعليم يتكيف و يليق بكل الظروف والمستويات المعيشية السائدة ،
وهكذا نربح مواطنين اقوياء عوض اشخاص تلقنوا مناهج بعيدة وغريبة على اوضاعهم الواقعية.وكثير منهم ممن يصمدون ،ينضم الى طوابير العطالة والبطالة ولا يندمجون بسهولة.ولا يخفى دور اندماج وإدماج التلميذ قبل الطالب ،في استقرار المجتمع من خطر الانحراف وما جاوره.
يمكن لنا إضافة غياب أية أدوار فعلية واقعية لجمعيات آباء التلاميذ ،وتغيب كلمتها تماما في اوراش إعداد المناهج التربوية والتعليمية.التي من شأنها إنتاج اجيال نافعة منتفعة ومندمجة في الخط التنموي المحلي.
5- المجتمع المدني والمجلس القروي ،لن نستطيع إبراء ذمتهما كمساهمين بشكل مباشر وغير مباشر في عرقلة تحريك العجلة الاقتصادية للمنطقة ، ونخص بالعتاب هنا المجلس القروي ،بصفته المتحدث باسم المجتمع المدني في هذا الميدان ،
وهنا ،كان من الضروري أن يكون لاي مجلس جماعي ، وللمجموعات الجمعوية ومؤسسات التربية والتعليم ، نظرة واضحة وعامة وبرنامج معد ومدروس ومتوافق للاهداف الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة التي ينشطون فيها ،وذلك قبل التفكير في رسم اية برامج .
الأمر لا يتطلب رصد ميزانيات ضخمة ،لا بل يوجد رأسمال من الكفاءات والطاقات واستعداد الساكنة للتفاعل مع اية افكار تحسن من مستواهم المعيشي.
نأسف على مظاهر من سوء تدبير ،واحتقار للابداع ،وتسفيه العزائم واحباط الامل وزرع ثقافة التفرقة والانانية واضاعة فرص على التنمية الحقيقية .
لكن لحسن الحظ ،أننا ،معشر شباب الايكاسي ،لا زلنا نجد بعض المتتفس ،بفضل صفحات العنكبوت الاجتماعية ،لنعبر ،بأضعف الايمان ،ونوصل التعبير عن آهاتنا ولو لبضعة افراد ،آملين أن نتمكن من وضع الاصبع على مكامن الخلل في التدبير المحلي للطاقات والكفاءات ،
كما نأمل أن يتقوى التواصل بين وجهات النظر لأصدقائنا الشباب في هذا الملتقى وفي غيره،
... لعل ! يبارك
الله في حسن النوايا والرغبة الصارخة لترقية جماعتنا القروية ،فتتحقق الاحلام إن باتت الارادة مستقرة ولم لا ، عبر الاجيال.

الانتخابات الجماعية ، من فضلكم " كوطا " للشباب !!!





يتحدث الجميع عن الشباب ودوره في بلورة المستقبل على منهاج الديمقراطية وخلق نفس جديد داخل المجتمع بعيدا عن الروتين السياسي الذي بات مميعا وغير مقبولا من طرف القيادة التي تنتعش حقيقة من غياب الشباب داخل منظومة التسيير .

ويتحدث الاعلام الرسمي عن ضرورة التسجيل في اللوائح الانتخابية وهذا من شأنه أن يقطع الطريق عن اساليب " اللصوصية " وشراء الذمم بالمال " السايب " الذي يتحصل بطرق غير مشروعة يعرفها الجميع وتسائل عنها رئيس الحكومة في اكثر من مناسبة .

ويكاد المرء يصاب بالحيرة ودوران " المخ " كلما تمعن في المشهد السياسي الذي يفتقد الى حقيقة ان كان التغيير في اوجهه الحقيقية موضوع رغبة الجميع أم أنه يقتصر على خدلقات بهلوانية تأتي اكلها في حينها لينتقل المشهد من جديد نحو الميوعة والقفاشات التي تتثير القيء .

التسيير ومن منظور الكل يتطلب الجرأة والرغبة في الانعتاق من الاساليب القديمة بالاضافة الى الحيوية التي تقترن بالشباب وهذا متفق عليه بعنعنة صحيح غير أن الحقائق توضح أن المشاريع المراد بها تحقيق المنشود تطرح جانبا وقد لا تفعل لغاية في نفس أكثر من يعقوب ويعرف مسبقا أن استراتيجية البعض ممن عشعشت اجسادهم فوق مقاعد التسيير لا يحبذون اطلاقا اقتراب الشباب من لوائح الترشيح .

الانتخابات الجماعية وكالعادة سمع ذوي مشروع يتناول تخصيص ادماج الشباب في لائحة جنبا لجنب مع المرأة وكان امرا مقضيا الا يطرح على ارض الواقع لاسباب غير مفهومة ويرجى تقديم تفسيرات لأن الامر يتعلق بتغييب متعمد .

والذي لا يوجد له تفسيرا وهو أن الاعلام الرسمي يحاول أن يبث في انفس الشباب روح الاقدام من اجل التغيير ويكاد يردد في اكثر من مناسبة على أن الشباب هو البوصلة والمايستروا الذي يرجى منه تخليق الحياة السياسية في حين نقف على أنه مستثنى من العملية عكس الانتخابات البرلمانية التي تخصص للشباب لائحتهم التي تمثلهم .

وقد لا نجد جوابا لهذا التناقض في حين يمكن الجزم أن الانتخابات البرلمانية تعتمد على التزكيات التي تمنح تحت " الطاولة " على عكس الانتخابات الجماعية التي ستحتم على قادة الاحزاب اختيار الافضل على مستوى المدن والاقاليم .

من المطلوب تسريع وثيرة النظر في هذا المحور وتفعيله لكسب رهان الانطلاق نحو التغيير والانعتاق من دهاليز " باك صاحبي " فالانتخابات الجماعية ومعها تسيير الشأن المحلي بات يتطلب روح شبابية قادرة على النبش في الحلول وبالتالي مطلوب من رئيس الحكومة خلق سيناريو جديد يضمن للشباب حقهم في الترشح من خلال لوائح شبابية جريا على ما يقدم للمراة في هذه الانتخابات .

انه من العار أن تمنح للمراة وللرجل على مختلف اعمارهم " كوطا " خاصة بهم للولوج الى التسيير الجماعي في حين لا يناقش البثة ادخال " كوطا " للشباب هذا وتجدر الاشارة أن مشروع مدونة الانتخابات يفقتقد لهذا الحس حسب ماقالت عنه مصادر متتبعة وهذا منحى نفهم منه أن التسيير سيظل حكرا على رموز احتكرت المقاعد لسنوات طوال .

عبد الله عياش ـ هبة بريس

السياسة والساسة بالعالم القروي



لا شك أن للانتخابات دور مهم في البلدان الديمقراطية حيث النزاهة والشفافية وحيت وعي الشعوب بأهميتها في النماء والازدهار بحكم تلك المسؤولية الملقاة على عاتقهم في اختيار ممثلوهم في المؤسسات المختلفة للبلاد حيث القانون فوق الجميع .
بالرجوع الى اقليمنا تارودانت في السبعينات والثمانينات حيث ذلك التهميش للجنوب بصفة عامة بتلك النزعة العنصرية " المغرب النافع وغير النافع" حيث قلة ان لم نقل انعدام لتلك المشاريع الكبرى بالمنطقة التي ستغير من عيش الساكنة للأحسن بتوفير فرص الشغل أو حتى توفير تلك الخدمات التي كان المغرب النافع ينعم بها ،والكثير منا عرف تلك التجاوزات الخطيرة التي سببها ذلك الاهمال على الساكنة بحيث ساد الفساد مختلف القطاعات الحيوية دون رقيب ولا حسيب والكل سمع عن قصص لذوي النفوذ والسلطة والمال حين أصبحو فوق القانون و كلنا عشنا وسمعنا قصصا لساسة فاسدين ويفعلون ما يحلو لهم بل حتى أصدقائهم وذوي القربى لهم مكانة خاصة لدى السكان خوفا من سوء العواقب فالويل لك ان عكرت مزاجهم أو وقفت ضدهم ولو في الأشياء التافهة، بينما المساكين المقهورين ضلو متفرجين فقط ، فبالكاد هذه الحالة عشناها في مختلف المناطق وبالخصوص في اقليمنا .
رغم ان اغلب الأحزاب تطبل وتتبجح بانها تهتم بالشباب وأنها تتوفر على شبيبات ناشطة وفاعلة وتحتضن هموم الشباب وتعمل على تاطيره الا ان الواقع يؤكد ان الشباب عازف عن العمل السياسي لان الاحزاب تحولت الى الات انتخابية تبحت عن المناصب فقط .سواء محليا او جهويا وتنامي الصراعات الداخلية والتشبت بالكراسي وتمركز القيادة في يد فئة معينةالشىء الدي يضع حواجز امام الشباب في التداول والتدرج للوصول للمسؤوليات بشكل ديمقراطي بمعنى اصح تغييب الديموقراطية الداخلية مما يجعل الاحزاب بعيدة عن التنشئة السياسية اضافة الى السلوكات الناتجة عن بعض المنتخبين والصورة التي اصبحت لصيقة بالعمل السياسي. 
فهي أي الأحزاب تمنح تزكياتها لمن «يعرفون كيف يفوزون».. بغض النظر عن الوسيلة أو الطريقة, هكذا أضحى لقب " العضو " ومنهم من يلقبه ب " الرايس "  يلخص صورة نمطية لكثير من مستشارينا ومنتخبينا الذين دخلوا عوالم السياسة من أبوابها الواسعة وهم لايفقهون في علم السياسة سوى باب الجماعة والقيادة , حيث يرجع لهم الفضل في أن أصبح لساكنة القرى والمداشر رصيدا لغويا يغازلون عبره مستشاريهم الجماعيين بترديد عبارات "سعادة الرايس ".
و يفيد لقب "الرايس" في القاموس الجماعي المغربي , ذلك الكائن الانتخابي الذي فاز كمستشار في الانتخابات الجماعية , وأصبح أهل الدوار لا يجتمع لهم جمع على صينية شاي في الولائم والمأدبات والأعراس والمآثم إلا و" الرايس "قد تربع بين ظهرانيهم , ليحكي مغامراته الانتخابية ويشكو همومه الجماعية ويسرد علاقاته العنكبوتية التي تربطه برجالات المخزن بدءا بسعادة "القايد" مرورا بموظفي العمالة ، القيادة والجماعة وصولا الى "الشيوخ والمقدمية "
لازلت أتذكر جيدا كيف شق الكثير من "الروايس" أقصد  رؤساء جماعاتنا طريقهم بثباث نحو مجلس الجماعة و حصلو على لقب سعادة" الرايس" وصارو حديث الساعة منذ أن دخلو عالم السياسة ولم يعد للساكنة حديث إلا من قبيل "الرايس جا... الرايس مشا ... الرايس قال... "
" الرايس" أو العضو  بفضله أصبح أهل الدوار يطلعون على جديد الجماعة ومشاريعها المستقبلية وصراعاتها الطاحنة بين أغلبية ومعارضة , ساكنة أصبحوا يؤمنون "بالرايس" أكثر من رئيس حكومة بلدهم وأضحوا يتقون بوعوده و يتبركون بإطلالته , وفي معتقدهم بأن الرايس صاحب عصا موسى الذي يضرب بها على طاولة اجتماعاته بالجماعة لينقشع ضوء أو لينهمر الماء, في اعتقادهم "الرايس هو لي جاب ليهم الما و الضو ...و جاب ليهم الطريق وقبلها سور المدرسة الابتدائية و المطفية و و " ساكنة لا قاموس لديهم للبرامج الوطنية للطرق القروية سواء الأول ،الثاني أوالثالث والذي يهدف الى توسيع عملية فك العزلة على دواوير ومداشر العالم القروي و غايته اعداد متوازن للمجال عبر تقوية التضامن الوطني وتقليص الفوارق الجهوية , بتمويل تم رصده من صندوق التمويل الطرقي الذي تم انشاؤه سنة 2004 و الذي يستهدف الجماعات القروية الفقيرة , والأهم من ذلك أن الفضل يرجع في فك تلك العزلة عن دوار "الرايس " الى دافعي الضرائب من المغاربة والتي تستخلص فواتيرها من جيوبهم .
أغلب الروايس أو الأعضاء  لديهم بروفايل مستشار جماعي محنك ,بالرغم أنه لم يلج قط حجرات المدرسة العمومية  وهو الحال بالنسبة لكثيرين من رؤساء جماعاتنا الترابية , الذين لا تجمعهم بجماعاتهم إلا خطوط هواتفهم النقالة ودورات الحساب المالي و الاداري , وطبعا سيارة الجماعة التي يمتطونها والتي لا تعكس موديلاتها الراقية تصنيف الجماعات التي يرأسونها ضمن الفقيرة ترابيا , سيارات تجوب شوارع لتقضي أغراض خاصة وخارجة عن المهام, ويعتليها رؤساء جماعات يسيرون مشاريعهم الشخصية ومآربهم العائلية.
.
"الرايس" أصبحت له خاتم سليمان و تبث موطئ قدم له بعالم السياسة الجماعية , وصار يمازح موظفي القيادة والجماعة ويبسط معهم , وأضحى مقصدا لقضاء الأغراض الادارية من أوراق بطاقة التعريف الوطنية الى وثائق كناش الحالة المدنية وتدوين الزيادات والتشطيب على الوفيات و مهاتفة سائق سيارة الاسعاف الجماعية, وحتى لإغاثة من لسعته عقارب فصل الصيف ولم ينفع معه نفث غاز البوتان وتشريح موضع السم "بالرازوار" , لم يقتصر دور الرايس على هذا بل طالت يداه لتجلب خيمة "خزانة " الجماعة لنصبها في الأفراح والمآثم في عقر دار الدوار وترؤس مراسيم الدفن و التباهي بدفع "الغرامة" في الأعراس والتهليل بقيمتها المالية أمام القبيلة وتسخير أناس يحسنون قرع الطبل والغيطة , لتلاوة محاسن الرايس والتذكير بعطاياه وترديد عبارات "قال ليكم الرايس ....والتلويح بالزرقة ".
هكذا "الرايس" أصبح مرجعا في عالم السياسة لأنه فطن بأن ممارسة السياسة بالدوار تقود الى كرسي الجماعة
ولم يبق "للرايس" سوى أن يترأس جمعية مدنية لتوسيع دائرة أنشطته الاجتماعية والخيرية, هكذا بسط سعادة "الرايس" وأمثاله كثيرون وسائل التحكم في السياسة بنكهة الجماعة , وابتكروا أساليب السعي الى تحقيق التوازنات الماكروانتخابوية انطلاقا من الدوار.

“تاكلا”.. قصة أكلة شهيرة في رأس السنة الأمازيغية



 وكالة الاناضول
لا تخلو موائد الأمازيغ، عند احتفالاتهم برأس السنة الأمازيغية بتقويمهم في اليوم الذي يوافق 13 يناير من كل عام من أكلة “تاكلا”، والتي يتم تحضيرها بمشاركة طاقم يتكون من نسوة العائلة في بيت الجد/ الجدة.
وترمز “تاكلا” عند الأمازيغ إلى التآزر والتضامن لكونها تقدم في إناء دائري مشترك، ومتقاسمة بين أفراد الأسرة، كما تعبر عن مواساة الطبيعة في ألمها تلك الليلة التي ستتمخض عنها سنة جديدة، بحسب استطلاع آراء أمازيغ.
وتعتمد الأكلة الأمازيغية بالأساس على الغلال الزراعية التي ينتجها الفلاح الأمازيغي البسيط في مزارعه، كما تعكس ارتباط الإنسان الأمازيغي بأرضه، بحسب عدد من الباحثين.
وخلال لحظات تقديمها، تنطلق أجواء المرح والرقص على نغمات الفرق المحلية الأمازيغية في حفلات عامة، وبموسيقى مماثلة حينما تقدم في المنازل والبيوت مع الأسر والعائلات.
كما تكون فرصة لتقديم أكلة “تاكلا” للتغني بأشعار من التراث والثقافة الأمازيغيتين ابتهاجا بالمناسبة، بحسب مراسل الأناضول.
وقال الحسين آيت باحسين، الباحث المختص في الثقافة الأمازيغية، للأناضول، يطلق على “تاكلا” في مناطق أخرى من المغرب “تاروايت”، شارحا أن هذا الاسم الأخير اشتق من فعل “روي” الذي يعني بالأمازيغية “حرِّك”، لأنه ينبغي تحريك الوجبة باستمرار أثناء طبخها، والتي تسمى عند الناطقين بالعربية “العصيدة”.
وأضاف أن منها “تاروايت ن تمزين” (بالزاي المفخمة)؛ ومعنى هذا النوع، بالأمازيغية، “عصيدة الشعير” أي المهيأة من دقيق الشعير، والنوع الثاني “تاروايت ن أوسنكار”، ومعنى هذا النوع، بالأمازيغية، “عصيدة الذرة، أي المهيأة من دقيق الذرة، وقد أصبحنا نجد نوعا جديدا يسمى “تاكلا ن روز” أي المهيأة من حبوب الأرز في الوقت المعاصر”.
وتقول الحاجة خدوج إنجارن (68 عاما) في حديثها للأناضول، إن “أكلة تاكلا يتم تحضيرها بمشاركة طاقم يتكون من نسوة العائلة في بيت الجد/ الجدة”.
“وتضم “تاكلا” في مكوناتها “مقدار دقيق الشعير أو الذرة المفتت (أي غير المطحون والمسحوق جيدا) بحسب عدد الأفراد، يضاف إليها قليل من الزيت وقبصة ملح ليمزج الكل في صحن مع إضافة ثلاثة أضعاف مقدار الذرة أو الشعير من الماء”، بحسب إنجارن.
وتضيف الحاجة خدوج “يوضع الكل في قدر فوق النار، ويحرك باستمرار إلى أن يَمُصَّ الدقيق الماء كله وتصير كتلة رخوة، فيوضع في الإناء الذي سيقدم فيه”.
وتشرح الحاجة إنجارن: “يتم طهيها في قدر على نار هادئة وتحرك بعصا سميكة إلى أن تصير كتلة رخوة جاهزة للأكل”.
وتفرغ أكلة “تاكلا” بعد الطهي في إناء يحمل اسم “تاقصريت”، وهو إناء ذو شكل دائري، غالبا ما كان هذا الإناء يصنع من خشب العرعار أو غيره من أنواع الخشب الجيدة، ويصنع أيضا من الطين أو من معدن خاص بأواني الأكل المختلفة.
ويشكل في وسط الأكلة الأمازيغية حوض صغير أو حفرة صغيرة، يسكب فيها زيت “الزيتون” أو “الأركان” لسقي تاكلا أثناء تناولها ساخنة إما باليد أو بالملعقة بحسب الحاجة خدوج.
ويعتبر الباحث آيت باحسين أن رمزية ” تاكلا” ودلالاتها، تتجلى في “تربية النشء على تدبير الندرة أو القلة، خاصة أنها ترتبط بمناسبة رأس السنة الزراعية التي تأتي بعد فصل الخريف وفي أشد أوقات فصل الشتاء برودة، حيث الندرة في كل شيء لدى الفلاح الأمازيغي الذي يودع ما تبقى لديه من حبوب تحت الأرض لمواصلة عملية استنباتها”.
كما تدل “تاكلا” أيضا على “التآزر والتضامن لكونها تقدم في إناء دائري مشترك ومتقاسمة بين أفراد الأسرة، كما تعبر عن مواساة الطبيعة في ألمها تلك الليلة التي ستتمخض عنها سنة جديدة”، بحسب أيت باحسين.
وتعتمد بالأساس على الغلال الزراعية التي ينتجها الفلاح الأمازيغي البسيط في مزارعه، كما تعكس ارتباط الإنسان الأمازيغي بأرضه.
ومع توالي السنين، تفنن الأهالي في تقديم هذه الأكلة الأمازيغية وعصرنتها، بإضافة منتجات البيئة المحلية من قبيل البيض البلدي (المحلي) وتزيينها بحبات اللوز البلدي، ووشمها بحروف “تيفيناغ” (حروف الكتابة باللغة الأمازيغية) بحسب ما عاينه مراسل الأناضول أثناء تحضيرها من قبل الحاجة خدوج.
كما تكتب عليها عبارات أمازيغية تجسد الابتهاج والفرح بمناسبة “إض يناير” (رأس السنة الأمازيغية) وتردد عبارات: “أسكاس أماينو إيغودان” أي “سنة أمازيغية جديدة وسعيدة”.
وخلال لحظات تقديمها، تنطلق أجواء المرح والرقص على نغمات الفرق المحلية الأمازيغية في حفلات العموم، وبموسيقى مماثلة حينما تقدم في المنازل والبيوت مع الأسر والعائلات.
كما تكون فرصة تقديم أكلة “تاكلا” للتغني بأشعار من التراث والثقافة الأمازيغيتين ابتهاجا بالمناسبة.
ويداس في وسط أكلة “تاكلا” نوى التمر الذي يسمى لدى الأمازيغيين بـ”أغورمي”.
وكل عاثر على “أغورمي” يكون محظوظا خلال السنة الأمازيغية الجديدة، وحظ العاثر على “أغورمي” بما نوى.
وإذا كان الأمازيغ يستحضرون أكلة “تاكلا” في مناسبات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية الجديدة على وجه الخصوص، فإنها تحضر وتقدم في موسم الحرث، وخلال فترة الحصاد، وكلها دلالات تؤكد ارتباط السنة الأمازيغية بالسنة الزراعية، وبالأرض وغلالها والإنسان الأمازيغي وتاريخه.
ولا يستغنى عنها عند حلول الضيوف، ولو تشكلت الضيافة من أطباق أخرى فهي رمز التعبير عن الفرح الكبير بالضيوف حين تقدم بعد الأكلات الأخرى، ومرافقة لطقوس خاصة، منها تقديم الشاي الممزوج بالزعفران، المرفوق بمكسرات الجوز واللوز وغيرهما، ورش الضيوف بأنواع زكية من العطور التي تعكس مظاهر الفرح والحبور، بحسب آيت باحسين.
وأول أيام السنة الجديدة، التي تصادف هذا العام الذكرى الـ2965 للانتصار على الفراعنة المصريين، هو يوم الثلاثاء.
وأقر المغرب في دستوره لعام 2011 كون اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية.
ولا توجد أرقام رسمية تحدد أعداد الناطقين بالأمازيغية كلغة أم في المغرب، غير أنهم يتوزعون على ثلاث مناطق جغرافية (منطقة الشمال والشرق ومنطقة الأطلس المتوسط ومناطق سوس في جبال الأطلس) ومدن كبرى في البلاد، فضلا عن تواجدهم في الواحات الصحراوية الصغيرة.
و”الأمازيغ” هم مجموعة من الشعوب تتوزع على المنطقة الممتدة من واحة سيوة (غربي مصر) شرقا إلى المحيط الأطلسي غرباً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوبا.

الدعم الجماعي للجمعيات بين الشفافية والزبونية ؟؟؟؟



ذ المحجوب سكراني
لقد لعب  العمل الجمعوي بالمغرب  أدورا هامة في النهوض بعدة مجالات، و شكل العمل التطوعي الذي يؤطره و على مدى سنين خلت دعامة قوية للتنمية البشرية و أساسا بنيت عليه عدة مشاريع منتجة، اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ورياضيا…. لذلك أصبح من الضروري مراجعة القوانين التي تتعلق بالجمعيات والتي تعود الى  الخمسينيات من القرن الماضي، ولهذا الغرض انكبت اللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، على إعداد مسودة لترسانة قانونية بديلة تساير العصر و الحريات التي جاء بها.  وتضمنت هذه الوثيقة الجديدة عدة مستجدات تتعلق أساسا بتطوير آليات التدبير المالي و ضبط معايير الدعم العمومي بالإضافة  إلى تبسيط نسبي لمسطرة التأسيس و أمور أخرى.
ومما ورد حول الشق المتعلق بالدعم العمومي ما يلي :
المادة(52): يخضع الدعم العمومي للجمعيات وتمويل برامجها وشراكاتها وماليتها لقواعد الشفافية والحكامة الجيدة والمساءلة والمحاسبة المنصوص عليها في الدستور والقوانين الجاري بها العمل، مع تمتيعها بمقتضيات قانونية تلائم طبيعة الجمعيات التطوعية وغير الربحية والمتنوعة والمتفاوتة القدرات.
المادة(53): الدعم العمومي لقدرات الجمعيات ومواردها الإدارية والبشرية حق لكل جمعية صرح بتأسيسها بصفة قانونية.
المادة(54): يتم اعتماد معيار شفافية تدبير الجمعية و إعمال مبادئ الديمقراطية الداخلية في إقامة الشراكات.
فالمشرع المغربي  أولى أهمية كبرى لتحسين العلاقة بين الجماعات المحلية والمجتمع المدني أملا في تنمية المشاركة المجتمعية كأداة لتعزيز الديمقراطية المحلية … الا أنه وللأسف طفت الى السطح بعض السلوكات  التي تحول دون تحقيق هذا المرمى ، وفي مقدمتها مسألة ” عدم المساواة بين الجمعيات في الاستفادة من الدعم العمومي “بحيث يلاحظ  توزيع تلك الموارد دون الاعتماد على أية معايير موضوعية من شانها المساواة بين جمعيات المجتمع المدني في الاستفادة من دعم الجماعات المحلية. مما يؤدي  بالطبع الى احتجاج بعضها، وإحساس البعض الاخر بالغبن، فيما تستفيد أخرى دون أن تتوفر على أدنى استحقاق. فينتفي مبدأ تنمية روح التعاون والشراكة بينهما، والأكيد أن المسؤول الأول والأخير عن هذا الخلل هم المدبرون المحليون وأطر الجماعات المحلية الساهرة على ملفات الدعم المقدم للجمعيات .
فالشفافية والوضوح يقتضيان قبل دراسة الملفات  ، التأكد من ان الجمعيات المعنية قد قدمت طلباتها داخل الاجل المنصوص عليه في الإعلان عن فتح الترشيحات للاستفادة من الدعم، ومن أن ملف طلب الدعم يتوفر على جميع الوثائق المطلوبة، وأن الجمعيات تقوم بتجديد هياكلها وفق ما هو منصوص عليه في قانونها الأساسي. بعد ذلك يمكن تنقيط الجمعيات بالاعتماد على معايير منطقية  “كأنشطتها خلال فترة زمنية معينة و عدد شركائها  بناء على اتفاقيات الشراكة و مواردها ، والشفافية في التدبير المالي ، وإشعاعها محليا ووطنيا ، وكذا الحضور أو المساهمة في الساحة ، و عدد منخرطيها ونسبة النساء والشباب في المنخرطين والمسيرين…الخ ” وحتى تصير المنافسة شريفة يلزم وضع شبكة تنقيط لتقييم كل نشاط على حدة ، ومنحه النقطة التي يستحق اعتمادا على نوعيته وجدته والحضور الجماهيري الذي حظي به والإضافات التي قدمها للحقل الجمعوي، ويكون بالتالي مجموع النقط الذي حصلت عليه كل جمعية بعد جمع نقط أنشطتها هو المعيار الذي تحدد بموجبه قيمة المنحة المالية، وهو ما يمكن أن يساهم في الحد من العشوائية والزبونية  والمحسوبية والتسيب علما بأن  هذا الدعم في نهاية الأمر ما هو الا  جزء من المال العام الذي يقتطع من ضرائب المواطنين …والغريب في الأمر أن منح بعض المجالس تأخذ أحيانا شكل الصدقة، ومعيارها وقيمتها يوزنان بقيمة الواقفين خلف الجمعيات المطالبة بالدعم، بغض النظر عن الأنشطة المنجزة، ويزداد الأمر التباسا وغموضا إذا علمنا أن بعضها يسيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مستشارون جماعيون بنفس المجلس، وهو ما يطرح سؤال الإنصاف والشفافية بحدة .
وختاما لابد من طرح مجموعة من التساؤلات لعلها تستفز من يهمه الأمر فيدلي ببيان حقيقة :
  • ما هي المعايير المعتمدة في تصنيف الجمعيات  المقترحة وترتيبها ؟
  • كيف يتم تدبير الدعم وقيمة المبلغ المالي المرصود لكل جمعية ؟
  • هل جميع الجمعيات التي يقع عليها الاختيار في وضعية قانونية؟ وهل فعلا تقدمت بطلب  وملف كامل؟
  • من يسهر على دراسة الملفات  ؟ أهي  لجنة خاصة أم أن الأمر لا يعدو أن يكون انفراديا؟
  • لماذا يقع الاختيار دائما على نفس الجمعيات دون غيرها ؟
  • ما ذنب الجمعيات التي لا علم لها بوجود هذا الدعم أصلا ؟ أم أنه كما يقال لا يعذر أحد بجهله للقانون؟

ايكاسيون وفي قلوبهم أمل

عبد السلام ادير
ترشح وانتخب وفز ،ولا حسد.
عش وكل واشرب من منصبك ،ولا حسد، 
لكن كفانا مشاريع صورية وحيادا عن مصلحة البلاد.وتبذيرا للمداخيل واستهانة برغبات وثقة الساكنة.
اقبرت سنة بما لها وعليها ،وحلت بعدها سنة جديدة،تحمل امالا وتعلق عليها انتظارات ليكون الغد اجمل وبعد الغد افضل.
وبالنسبة لممتهني السياسة فإن خمس سنوات هي التي مضت . وبات ضجيج السباق والاستعداد للاستحقاقات يلفت الانتباه رويدا .واضحى المتتبع يشهد اجتماعات حزبية من اعلى المستويات الى مستويات جهوية ومحلية. والهدف طبعا هو نفض الغبار على ارشيف عمر سنوات ،واعادة ترتيب الاوراق ووضع خرائط واستراتيجيات تليق بالمناسبة .وتمهد لإعادة توزيع الادوار في المشهد السياسي والحزبي.
وبطبيعة الاحوال ستسري حمى الكبار الى باقي الفئات المجتمعية .
فيلحظ الملاحظ العادي والذي لا شأن له بالسياسة ،واذي عايش عدة دورات انتخابية ،وكأن الناس تطبعت على هذه العادة التي تدور عليهم مثل ظاهرة فلكية كل بضع سنين. لها نكهتها وتقاليدها الخاصة ،وتاثيرها على الشخصية والتفكير و المزاج إلى أن يخفت وقعها حينما تزف زبدة نخاضها الى الصناديق ليسدل الستار .فيبدأ الترقب من جديد.
فهل تمهل المواطن البسيط ،المنتمي للجماعة القروية ،الايكاسية مثلا، ليتبين واجبه ودوره الحقيقي ،ومسؤوليته نحو منطقته ،بشيء من الحكمة والمنطق ،قبل ان يسبح مع اي تيار شاء ؟ انها علامة الاستفهام التي وجب توقفنا كإكاسيين عندها ،على الاقل مايكفي للاتفاق على الحد الادنى من برامج تنموية وافكار اصلاحية تتعلق بها مصلحة المنطقة،ويدفع بها في الوقت الذي ينادى على صوتنا.فتوضع حينذاك بشكل مشترك تشاركي يلزم الناخب والمنتخب على حد سواء.؟ هل سنبقى نفوت على مسقط رؤوسنا الفرص تلو الاخرى ونترك عجلة الانتخابات تدور وتخلف تاخرات في التنمية الى يوم يبعثون ؟
لاعذر لجيل وفر له الدستور والقانون كل سبل التقدم ،وهو يتجاهلها وينساق وراء غبار التبوريدة عوض ان يتعلم ركوب حماره؟
لو كنا نعقل ،مثل بعض المناطق بجوارنا كتزنيت او اغرم،حيث يجتمع الساكنة ويبرمون شبه تعاقد مع المترشح قبل الاجماع حول الشخص المناسب والبرنامج المناسب ، لحدونا حدوهم ورشحنا شخصا كفؤا واحدا في كل دائرة يتقلد هموم السكان بمقعد مريح داخل المجلس وصوت مسموع.
لماذا يجب ان نستنفر كل مرة ونحدث ضجيجا يربك التركيز على الاهم ؟،لماذا لا نترك المصادمات المجانية التي تبخس وقتنا وجهدنا وبريق وجوهنا ولا تترك خلفها غير فتات من الامل في التنمية الحقيقية؟
ستاتي بلا شك اجيال قد تعيد للمنطقة بسمتها ومكانتها الحقيقية ،لكن جيلنا هو من سيعاتب على التقصير والتفريط بكل تاكيد.
هلا لاحظت معي عزيزي القارئ كيف تمارس بعض الاحزاب انشطتها وتكثف استعداداتها دون اي تنسيق مع مواطن بسيط لا يريد من الدنيا غير الاستماع نبض قلبه على مصير منطقته ؟ كيف تعد البرامج من الالف الى الياء بعدها فقط يستشار في رايه ويستاذن في "غصب" صوته؟ 
إما ان هذا المسكين لا يفهم معنى كل تلك المصطلحات من تنمية مستدامة ولا تمركز و حقوق الانسان وا لحق في مصير صوته. وإما انه لا يريد ان يعرف شيئا ولا يطلب شيئا غير تركه ليعيش بسلام .
فعلى الاقل لو لقن هذا الناخب الساذج حقه في ملكيته لصوته ،وابداء رايه في التنمية المحلية ،سنكون ربحنا اصواتا وخلت صناديقنا من الملغاة والمحايدة والغائبة.

واخيرا ، نتشرف ان نذكر ونلتمس انطلاقا من مقالنا المتواضع ،من منتخبينا الحاليين ان يعملوا على تقريب وجهات نظر الساكنه حول مفاهيم ومعايير عملية متفق عليها ،قبل ان يفكروا في تعداد الاصوات والبحث عن امكنة مريحة داخل المجلس القروي.لان دستور البلاد ،والتوجيهات الملكية السامية لم تتكلم ومنذ زمان،عن غير التنمية المستدامة والمندمجة والبرامج التشاركية التضامنية والعناية بالعالم القروي ،...لرفع البلاد الى مصاف التقدم بين الامم.

خبز ايكلي


عبد السلام ادير
شخص طويل القامة،واسع المنكبين ،خاوي الوفاض فارغ المعدة ،محترم المظهر .وقف وسط الحشد في سوق حد ايكلي،امام بائعة الخبز ،وعيناه لا تفارقان منظر الخبزات الساخنة المجمرة الخارجة توا من الخباز ،انها خبزات شهية وهي من دقيق حنطة البلاد التقليدية.شعر الرجل بامعائه تتلوى ،ولم يمنعه سوى الخوف وجيبه الفارغ على اقتناء واحدة منها.
وقعت الحادثة هذه ايام الاستعمار حيث عم الجفاف ولم يكن ياكل الخبز الا الميسورون القلائل او ذووا حظ عظيم.
ذهب الرجل الجائع في السوق وجاء ،وهو يعلم في نفسه انه لا يملك عذرا في التواجد في السوق.ولا حتى في بيته حيث ترك عيالا جياعا لا يملكون شطر تمرة. 
ففكر الرجل ثم فكر ،لكن الجوع يشوش له على التفكير السليم.فتخيل نفسه وهو يلتهم خبزة خباز محشوة بسمن البقال الوحيد في السوق ،وهو يبيع غير بعيد من صاحبة الخبز الرفيع،سمنا وزيتا من اشهى مايكون.
قال الرجل في نفسه ،وهو يضع آخر اللمسات على مخطط قرر تنفيذه :كم سيكون لذيذا لوتمكنت من خداع البائعاين ،وعلى كل حال لن يتحمل الجوع الانتظار ،فلنر ما يمكنني فعله من اجلك يا بطني.
تحين اول فرصة وخطف بيده خبزة عذراء خرجت للتو من مصنعها ،موضوعة الى جانب صاحبة الخباز وطار مثل البرق ليجد نفسه امام قدر متوسط من السمن البلدي وضعه البائع مفتوحا امامه للاشهار.فغمس فيه الرجل الخبزة التي سرقها فعلق بها نصف كيلو سمن بلوري لذيد ودسم ودفع بغنيمته شطيرة في فمه الواسع دفعة واحدة وشغل عملية الابتلاع مع مضغ عشوائي لطول عهده بالنعمة.
رمقه البائع وهو رجل قصير القامة ونهض اليه وانقض على وريديه وضيق علر حنجرته أملا منه في ايقاف دواليب الطحن ،وتجمهر الناس حولهما ،ووقف المخزني والمقدم وأمرا بالا يتدخل احد بينهما ليتفرج الناس قليلا.
كلما ضغط صاحب السمن على عنق الرجل ،يقول له :"والله لا دخلات ،والا جات من كرشك ،" يعني الخبزة ، والآخر يصر ويستمر في الالتهام ويقسم :"والله يا حتى تدوز !"
اما صاحبة الخباز فصارة تنزل عليه ب"تافالا" (اداة خشبية مستديرة ذات عصى يوضع الخبز عند دفعه داخل الفرن.) تنزل بتافالا فوق راسه ،فتمتع الجمهور ذلك اليوم وانسى هموم الوقت بالفرجة المجانية لكن لثوان معدودات فقط حيث تمكن الرجل العملاق من التهام الخبزة شهية دون اكتراث بضرب ولا خنق.فصفق الناس وتركه المقدم وشانه.

اختر اللون الذي يناسبك