ععععععععععع

مدرسة الغابة



بقلم : عبد السلام ادير
كنا جماعة نستظل بشجرة اركان ،داخل غابة اخوربي نحمو" ،وكانت الحرارة على اشدها،والعطش" بنوعيه " كان هو موضوع الحديث بيننا. كنا خمسة فتيان ،وبيننا اثنان بالغان لا يفتران عن لغو العزوبية ،يعلماننا مبادئ العلاقات مع نساء الغرام. 
كانت بداية تربيتنا متأثرة بحياة الغابة وكانت مهنة الرعي مهنة الاغلبية في باديتنا ،تعد المتنفس الوحيد للتعبير ،والمدرسة الاولى التي تخرجت منها اجيال في المنطقة ،ومازلنا بصدد ممانعة آثارها السلبية على عقليات كثيرين منا حتى اليوم.
كان الولد يخرج مع ابيه او اخيه الاكبر او ابن جاره ليرعيا قطيع الغنم والماعز ،اليوم باكمله،وفي كل الظروف المناخية ،ولم يكن التمدرس مثلا يعتبر الا حلما بعيد المنال.ومشروطا بالحظ.
كنا نخرج باغنامنا فرادى او في جماعات ،نظل نمرح ونلهو ونتعلم من الطبيعة وكلام الكبار.بصالحه وطالحه. ولم يكن تعلم كلام اللغو والايباحي ليعدم وسائل ومعلمين متطوعين آنذاك. لازلت أذكر كيف تفاجأت واستغربت لما رافقني الوالد الى المدرسة وعمري ثمان ونصف ،من المشهد الجديد الذي وجدت امامي .
اولاد كبار بلحاهم في مستوى الخامس، وآخرون كنت اعرفهم في الغابة ،كنت اتسائل كيف تخلصوا من واجب وحياة الرعي اليومي واتوا الى المدرسة؟ إنه تغيير عميق حصل لي ولهم في حياتنا ،فبدل الفوضى العبثية والفرعونية التي كانت تلزم سلوكنا واخلاقنا لمدة وجدنا امامنا نظاما مضبوطا ،واوامر مرنة ،وافكارا وكلاما يكتب بالطبشورة ،سرنا إذن ننضبط ونتخلص من رواسب الحياة الرعوية،وانتقلنا عبر السنين وعبر الاقسام بل ونجح بعضنا والحمد لله كما نرى اليوم ، والحمد له على اثر نعمة المدرسة على العباد.
في الغابة ،تصفير وصراخ،مبارزات عشوائية،وكلام نابي،وحركات عبثية،و عدم احترام الغير ،وامثلة للتسكع ترافق النهار الطويل داخل غابة ،لا مدير فيها ولا مربي.
كنا نلعب الحجارة ،والحفيرات وغيرها ،وكنا بسبب الحرارة في استرخاء وفعلت قطعاننا مثلنا تاخذ قيلولتها في الظلال المجاورة.
ضرب احد الكبيرين بعصاه حجرة نابتة في حركة متحديا كلام زميله ،وكان الحديث بالضبط عن النساء والفحولة :
<<اقسم بالله إنني رجل ولا اخاف من النساء ،ولو مرت بجانبنا مثلا امرأة الآن لما افلتت من رغبتي ،ولو إكراها .ولن تستطيع فعل اي شيء ،ولن يدافع عنها احد في الغابة الموحشة ،فما الذي اتى بها هنا؟.>>
والحق ان حديث الاثنين لو لم يتعد موضوع اغتصاب النسوان ،لبقينا معهما للاستئناس بتجاربهما ،لكن حمى البلوغ في عيني المراهقين وتهورهما في اختيار الفاظهما،جعلتنا ننسحب نحن الصغار، نجاة بانفسنا قبل ان يخوضا في حديث غيره. غيرنا مكان جلوسنا ،واخترعنا لعبا وموضوعا خاصا بنا وابتعدنا عنهما ،

وفيما نحن لاهين باللعب ،غير مكترثين حتى وقف علينا رجل طويل القامة ،يبدو عليه الاعياء،يجر دراجة هوائية مفرغة الاطارين، فسلم وطلب ماء،فاعطيناه القربة وعب نصفها قبل ان يتنفس ويسترجع الذاكرة ويحدق في وجوهنا،ثم يسال :<< إساون إيلبي أول تباين يات تمهانت تزرلي عي ؟ !>> انه يسال عن زوجته هربت من البيت.
فاجبنا بالنفي ،وكان قد راى الآخرين فتركنا وقصدهما ،ليطرح نفس السؤال بالتاكيد.
كان الرجل يسأل عن زوجته ،هربت من بيت الزوجية وقصدت مشيا وسط الغابة بيت ابيها على سفح الجبل مسافة 12 كيلمترا .
وكانت الزوجة عند اغلبنا ،الى عهد قريب تتعرض للتعنيف والضرب من طرف زوجها ،ولم يكن يجيرها من جبروت الرجال الا الفرار بجلدها.
لما ذهب الرجل وتابع طريقه ،اتانا احد اليافعين ،وهويضرب على يديه متأسفا على الطريدة التي مرت للتو بجانب مكان وجودنا،وكيف لم يفطن اليها.ولما تفقدنا آثار ها كانت واضحة وتبث انها بالفعل مضت بجانبنا ونجت باعجوبة من ذينك الذئبين البشريين.

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك