ععععععععععع

حين تحتوي اللقمة عظما



عبد السلام ادير:
اعتصم وأضرب عن العمل ،وسار يقضي لياليه مختبئا في مخزن التبن، مجاورا دجاجة كانت هي الاخرى تحضن دزينة من البيض تدفئها بحرارة جسمها،في ظلام المخزن .
كان الطقس شتاء ،وقد اتخذ "لعربي" قراره بالاعتصام ،بعد أن مل من النوم وحيدا كل هذه السنوات ولا من فكر في مطالبه .لقد بلغ الثلاثين وطال شاربه بما يكفي ليطالب بالزواج، انه يتيم الاب واصغر اخوته الذين تمكنوا من اغتنام فرصة حياة والدهم فتزوجوا على حساب مال ابيهم، ولكل منهم اولاد.بينما العربي تجاهلته الظروف ،ومات ابوه قبل ان يزوجه.تفرق الاخوة كل بشؤونه وتركوه في بيت الوالد مع امه.لقد عمل طول حياته يكد ويعرق ،والآخرون استفادوا من تعبه ،وترك منسيا.
أقسم العربي الا يطلب من احد شيئا ،طالما ان لا احد يكترث لحاله ويدفئ لياليه بزوجة جديرة بمرافقته ورؤوفة لحاله.
لم يبرح لعربي مخبأه حتى حارت والدته في مكان غيابه كل ليلة منذ حل الشتاء .ولقد كشفته اخيرا حينما توغلت في المخزن <الهري> ،تتفقد موعد تفريخ دجاجتها ،
فألحت عليه وافرغت على اعصابه علامات استفهام عديدة فاعترف وعبر لها بعريضة من المطالب والاستنكار لتجاهل حاله واحتقاره.
فألفت الأم في شكوى ابنها الصغير صدقا وحججا لا تقهر ،فجعلت في اعلى لائحة اجندتها للغد تزويج ابنها مهما كلف الامر.رغم ان الام عادة لاتتسرع في تزويج آخر العنقود ،إذ لا تتحمل بسهولة أن تراه بين يدي امراة اخرى وحينها تجد نفسها مستقيلة من الامومة نهائيا.
تزوج لعربي وازدادت قوته وازداد ايمانه وانفتحت بشرته ،ودخل القفص اخيرا ،واطمئن لعمله الذي لن يدهب سدى ونسيانا.
زواج كلف معزة وجبة صوف جديدة وبضع ريالات مهرا.
لم يحتج لعربي لمنشطات ولا لتكوين حيث حملت زوجته منذ العام الاول.
رزقا طفلا ،وتكفلت جدته بتسميته.
لم يولد الطفل داخل مصحة ولا رأت امه طبيبا. نودي على احدى الجارات وتمت الولادة على حصير sec وفي غرفة طينية بما لها وماعليها ،كل شيء طبيعي ،لا حاجة لتكييف هواء ولا شراء دواء ،خرج المولود يصرخ ويذغذغ حلمة الثدي يستزيد الحليب.
ترعرع الصبي في ظروف افغانية قاسية وابوه يقر به عينا ،وان كان لايكفيه عددا. لعق الطفل التراب ،ومرض وشفي،وتركته امه للصراخ ساعات حتى يسكت تلقائيا ،حملته على ظهرها شهورا واطعمته كل شيء من الطبيعة.لم يعرف لقاحا في حياته ولا شوكة.تعرض للاخطار كلها ومع ذلك ترعرع وخرج يلقى اقرانه.
تعلم الدروس الاولية على يد الام والجدة ،وبعدهما خرج مع الوالد راعيا غنما ،او باحثا عن كلأ اوجلبا للماء اوذاهبا للمسجد. كان ابوه رغم اميته يرى لابنه مستقبلا وذكرا .
أخذه الى المدرسة التي بنيت توا بعد الاستقلال ،اشترى له دفترا ولوحة بدون محفظة.
تعلم اشياء في المدرسة .كتابة اسمه واسم ابيه ودواره ومنطقته. تعلم مبادئ الوطنية واحب عن صدق قياديي البلاد ورسم الراية المغربية باقلامه الملونة الرخيصة .حفظ نشيد تحية العلم ،واخضع نفسه للتربية العصرية،وعرف حدود بلاده وعواصم كثير من البلدان،
سار للغلام عناية واهتمام بكل ما يدور حوله وقرأ وتعلم القوانين ،وشارك بحماس في كل الانتخابات ،وعرف مصلحة منطقته وتاريخ اجداده ،ولغاتهم ونضالاتهم تحت حكم السلاطين والملوك المتوالين على عرش المغرب.
ولكم كانت فرحته وفخره عميقين لما شاهد الملك محمد السادس يزور منطقته ايت ايكاس ويدشن فيها المشاريع ويشرفها بطلعته.
وللتذكير فقد شهدت هذه المنطقة بالذات مشاريع لمحمد الخامس تمثلت في المدارس الاولى والطرق وبعده المغفور الحسن الثاني في المشاريع الفلاحية وغيرها..ونعود الى الموضوع :
إلى أن خرجت الدجاجة للمرة الخمسمائة من مخبئها تتبعها كتاكيتها المزخرفة بالالوان الناعمة ،وكانت قد نخرت عظام الجدة ومن قبلها تحت التراب ،ومضت قرون على استقرارنا بالمنطقة إذا بشخصية غريبة لا يعرف لها أصل ولا بلد ، تدعي أصلية ملكيتها لمنطقة شاسعة (ثلث مساحة ايت ايكاس ) ،وتدعي انها تملك وثائق من عهد الفنيقيين تثبت احقيتها في وراثة كل تلك المساحة.هكذا ،وقد هددت مرارا هذه الجهة المجهولة بتحفيظ ثلث ايت ايكاس، الى ان احدثت مرارا ضجات وبلبلة بين السكان .
فهل منا من سمع او عرف عن هذه الجهة خبرا ،وهل سمعتم من قبل من القدامى ب إسم "أماخير " الذي يدعي حقوقا في منطقة ايت ايكاس ؟

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك