ععععععععععع

من تخريجات اواخر الليل


بقلم : عبد السلام ادير
إن بين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر صنفان : فريق نوى الامر والنهي حقيقة وايمانا فاصطدم بتعقيدات اجتماعية ،لم يشأ أن يورط فيها نفسه وماله وعرضه فانكتم وتجاوز رمي نفسه في التهلكة فألغى تنفيذ قصده بيده ولسانه وغض الطرف وفي صدره اسف وحسرة وأمل مع ذلك.
أما الصنف الثاني ،شخص لمس العطب في المجتمع ،واستنكر ماتراه عينه وانخرط في الدفاع عما يبدوا حقا ومعروفا ،واستنهض الهمم لمحاربة المناكر ،الا أنه وجد نفسه عرضة لفخاخ نصبت في طريقه ،وهو لا يعلم عن مصادرها والغازها واصحابها شيئا. فانهزم مكرها واستسلم اخيرا للامر الواقع ،بل واصبح شريكا في تلك التي سماها مناكرا وهم بمحاربتها.
ومن ذات الصنفين اعلاه ،نعاين كل يوم عندنا ،الكثير من شبا بنا وهو متحمس للعب ادوار إصلاح مجتمعنا ،كل حسب ثقافته وموقعه ،وحسب سنه وتجربته وكذا تأثره بنماذج وافدة أو مختلقة محليا.وبتيارات فكرية وعقائدية معينة.
وقف المحجوب متكئا على دراجته ،قبالة باب سوق الاربعاء ،وعيناه تائهتان ،متلصصتان لتقاسيم فتيات يافعات ،خرجن للتو من الثانوية ومررن عبر شارع السوق الرئيسية ،عائدات إلى بيوتهن في مجموعات.
كان الشاب يبدوا عليه الاستنكار ،يضغط على شفتيه ممددا قطر شفتيه،ويقول :لاحول ولا قوة الا بالله .ياله من منكر.لكني رايت انه ،وفي نفس الوقت تأبى عينيه الزيغان عن متابعة حركات الشابات من الخلف وسحر مشيتهن .ولو كان يملك قدرة تحويل بصره الى شباك وحبال ،لفعل.
-< واسي المحجوب ،الرجوع لله ! راك والد بنات كدهوم !؟>
-< الله يعطيهوم بوتليس ،ويعطيه حتى دوك لي خلاوهوم يخرجو بهاد اللبسة.
تواخر الزمان ،ميحشمو مايرمشو !بناتي انا ما كاين غير الحجاب .وا شكون دابا لي باغي يتزوج بحال هاد النوع ،العرا والضيق والصباغة بحال النصارى.؟
راه حتى الرجالة ماباقيين .>.
واذ نحن واقفين ،وانا استدرجه لنبتعد عن ممر التلاميذ، وقفت علينا إحدى التلميذات طليقة الشعر مليحة الملامح ،تلبس احد تلك السراويل الملتصقة مع لباسها المدرسي (طابلية بيضاء ),مفتوحة الازرار ،تبيح النظر الى مفاتن بطنها وفخذيها، وصدر لا يمنع تصور حدود نهديها في اول نظرة.(هذا يكفي..هه).
فقالت :السلام عليكم،ولم تمد يدها لصديقي الذي ،كأنه صعق ،ومد يده بعفوية منتظرا لثوان أن تصافحه ،فسحبها نادما،حينما علم انني فطنت له.
رددنا السلام ،وقالت :واش نتا هو المحجوب ياك ،؟ فارتبك واجاب بعقل سارح :نعم .فزادت: < واش نتا والد فلانة ؟ > (وتعني زميلة لها في الثانوية)،فاجاب :نعم ، فمدت اليه دفترا ،وقالت :انه دفتر ابنتك نسيته في الفصل.
<الله يرضي عليك يا بنتي ،الله يرحم والديك.>!
اخذ منها الدفتر ،ولما ارتبكت يداه قليلا وانفتحت الاوراق بفعل الريح ،وتقلبت بعض الاوراق لتتوقف صدفة عند صفحة مختلفة من حيث نمط الكتابة ومتباعدة بشكل يثير ملاحظتها .
انصرفت الفتاة ،وطبعا أبطأ المحجوب في جمع واغلاق دفتره لعدم تركيزه بما يكفي ،فكان الوقت كافيا لأ لاحظ ما تحويه تلك الصفحة :رسم قلب يخترقه سيف ومكتوب اسم بنت صديقي، وجنبه اسم لعشيق محتمل ،بينهما قليب اصغر على سطح السيف ،واسفل ذلك بعض الكتابة الرقيقة والرموز غير المفهومة .
الحق انني لم اكن مهتما بما كتب على تلك الصفحة لولا الصدفة والحق في النظرة الاولى.وسابق تجربتي في التفنن في رسائل الغرام المشفرة ايام المراهقة .
لم اخبر صديقي ابدا بملاحظتي ،ولن افعل ،و لم يكن ليلحظ اي شيء ،لسبب اميته،رغم ان اذنيه تظل ملتصقة بمذياع صغير ،تفقه بواسطته في كثير من الامور ..
أحالتني قصة المحجوب إلى موضوع ،هو حديث ذوي الاهتمام هذه الايام،يتداول على صعيد العالم ويتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
لا عيب ان يدلو المرء بدلوه في المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين فئات المجتمع،حتى ولو كان على بصيص من الثقافة وإعمال المنطق السليم في تحليلاته للاشياء.بشرط ان يترك الحكم النهائي لمن له سبق ،وتفوق في الميدان.
نلتقي كل يوم شبابا من عموم الرجال،تحولوا الى وعاض ومصدري فتاوى ،ولهم حججهم ودوافعهم ولا يجب علينا لومهم ،وآخرون تحولوا إلى مفسدين ،رغما عنهم وبدون شعور منهم ،وهم كذلك لهم اسبابهم وانطلاقاتهم،وليس علينا التسرع لتيئيسهم من رحمة الله اوتكفيرهم ،فالدين ينظر الينا كإخوة وكمسلمين بالنصيحة والسلامة من الاذى.والتاكد من النبأ. والدعوة بالتي هي احسن .
كذلك الأمر من جهة الشابات وعموم النسوة منهن من يبحن اللباس المغري مثلا،وينظرن الى الحرية بمنظور خاص،ومنهن من يحبدن الغطاء واخفاء مغريات اجسادهن ،والحذر من عيون الرجال.
ليس المجال هنا لانتقاد طائفة او ترجيح اخرى ،لأن الموضوع يكاد يستنفذه الباحثون والفقهاء والمفكرون لكثرة تداوله دون نتيجة حاسمة حتى اليوم، لكن من حقنا ،ربما التساؤل :
هل نتقبل مجتمعنا كما هو عليه في انتظار تحسنه مع المستقبل، ؟ هل ننخرط في معركة مستنفذة وخاسرة ونظل في معارضة مغلوبة الى مالانهاية من اجل تغيير الاوضاع الاجتماعية كما نتصور ونريد ؟
فلو اكتفينا بموضوع التحرش الجنسي لوحده مثلا ،او المخدرات،اوالسرقات،وحاولنا مكافحة كل موبقة على حدة ،فلن نخرج بالنتيجة المرجوة الا بامرين:
الابقاء على الامور الواقعة كما هي درءا للمس بالسلم الاجتماعي،وبرائة الاجيال الصاعدة،ريثما ننكب على ايجاد مخارج آمنة للجميع،
وثاني الامرين : البحث الاكاديمي العميق عن اسباب الخلل في عدم رضا شبابنا عن واقعه.واخراجه من يأسه وضعف صبره،
فتبادل اللوم لن يفيد في أي تقدم سلمي دون الرجوع إلى الأسباب التاريخية والسياسية والمعرفية وحتى الطبيعية الانسانية والفطرية التي تفاعلت فتمخض عنها هذا الوليد المخضرم المعقد الذي هو مجتمعنا.ولن يتاتى هذا قريبا لان امام شبابنا الكثير من واجب التعلم والتثقف والصبر.

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك