ععععععععععع

أطال الله عمركم !


بقلم عبد السلام ادير

ألا إن الكثيرين من شباب جيل السبعينيات فما فوق ،مقصرون في زيارة ارحامهم،كسلاء متقاعسون عن السؤال في احوال واخبار احبابهم ومعارفهم.
ألا إن صلة الرحم قد جاء في الحديث انها تطيل العمر.
وخيرا فعل مخترعوا وسائل التواصل الاجتماعي ،إذ قربونا من بعض احبابنا واصدقائنا واستطعنا بحمد الله متابعة اخبارهم واحوالهم،واطمئنت قلوبنا من جهتهم ولو بشكل نسبي.
لما فتحت عيني على اسرتي ومجتمعي المحيط ،وجدت الناس يحتفظون بغرف خاصة داخل البيت ،بل وبدور باكملها يتعهدونها بالتنظيف والصيانة ،ويوقرونها توقيرا ،تسمى تادوريت قديما ،تحتوي غرفا بما يمكن من الاناقة ،مفروشة بافرشة محترمة وتزين بالاثات وتعطر ويحتفظ بها مغلقة الى حين وفود وجوه عائلية تغربت،او ضيوف يستدعي الاشتياق اليهم مكان استقبال في المستوى اللائق من الراحة والاطمئنان.
تدوريت لا تختلف تصميما عن المنزل الخاص بالسكن الا من بعض الجوانب كامطبخ او المخزن ..
تبنى تادوريت بفناء اوسع مايمكن تحسبا للحفلات العائلية ،وانظف ما يمكن ،يزينه الجدران المرسومة باشجار كالنخيل باستعمال الجير و"التربة الملونة " ويتوسط الفناء "الحوض"وهو عبارة عن حفرة مربعة غالبا،تحدد باطار من الاجور على شكل سور صغير ،يستعمل هو الآخر لوضع المصباح "اللامبة" في حالة سمر عائلي صيفي. يغرس في الحوض شجرة برتقال او حامض ،وتزرع حتى الورود وانواع الرياحين..
انه الملتقى العائلي ،ووكر الذكريات الاكثر شجونا وشوقا وقدسية.
كنا نرفرف من الفرح حال عودتنا من المدرسة ،واكتشافنا للدلائل اولا بأول على وجود ضيف اواكثر في تدوريت.
دراجة نارية او عادية غير مالوفة ،بغل او بهيمة مربوطة داخل حرمات البيت،سيارة تشعشع زجاجاتها من بعيد،كل ذلك يجعلنا ،ونحن يومئذ "براهيش" نركض لنصل في اقرب وقت الى المطبخ فنجد الاهل في اهبة غير عادية وفي سرور ووئام اكثر مما مضى ،والخيرات تخرج من مستودعاتها لتثير لعابنا ،وتلهف اعيننا الصغيرة.فيقال لنا ،: <<اليوم ،ممنوع الضصارة !خذ نصيبك من الحلوى ولا تأت تتشره امام اعين الضيوف ،اذهب وسلم على عمك ،انه سأل عنك !>>
يالطيبوبة !يا لحلاوة الطرق الجميلة التقليدية في استقبال وزيارة الارحام.
كانت تادوريت بمثابة الملتقى والبناية التي لا مناص من بنائها بالنسبة للمجتمع الايكاسي على الاقل،قبل ان تعلن نفسك ساكنا. كان للضيف عند الناس اعز المراتب واكبر القيم.وكان الناس كرماء ،وذوي كرامة .
لست انوي تقديم المقارنات مع ما نعيشه اليوم ،وليس صعبا التماس ذاك الفرق لمن يعتبر تغير الاشياء وضياع قيمها مع الايام.
فمن تادوريت موقع عرش الصينية الكبيرة و"البراد" والوجوه البشوشة،ولوحات فلكلورية في المناسبات الكبرى ،إلى ما سميناه اليوم ب"الصالة"او"الصالون" يوجد تغيير واختلاف ،لا اقول ايجابي ،لكن تغيير يعكس برودة وانسلاخا عن الهوية نحو هوية لا نكاد نعرف منها سوى تقليد وبعثرة ما تركته ولملمته الاجيال الذهبية بشق النفس والروح.

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك