ععععععععععع

شظايا من الثرات الايكاسي الامازيغي


بقلم : عبد السلام ادير
اختار ليلة مظلمة ممطرة ،ليخطر على باله تنفيذ غزوته ونزوته التي طالما رصد لها وقتا وتربصا وجهدا حثيثا،
انها عشيقته، المطلقة والتي اغرم بها ،ولم يكن يعلم ان لها ولدا.
لقد تمكن من نزع موعد غامض اخيرا معها رغم عدم رضاها التام ،وغياب اية فرصة بعيدا عن الاعين .وكلام الناس.ولو حدث ذلك فلن يكون الموعد في بيتها الذي تسكنه وحيدة ويساكنها بين الفينة والاخرى اخ لها او اخت.
كان متحمسا وجعل كل اوراق النجاح بين عينيه ،وكان مطلقا بدوره ،واختار التسلل في جنح الظلمة حيث، ومع الجو الممطر لن يأبه له احد ذو عينين.
انه عاشق احتفظ بحقه في الحب والزواج رغم فقره المدقع ،ومازال شابا صلب البنية رغم بروز ظلوعه وفكيه من اثر المجاعة، اوجدته اقداره ووضعه حظه في زمان تفشت فيه المجاعة في البلاد، الى درجة ان الشخص يبيعك كل شيء غال مقابل ملعقة حساء اوحفنة شعير...
كان لزحفه على ديار ليلاه في ذهنه هدفان : قد يجد في بيتها طعاما وقد يجد ،ان كان محوظا أنسا وسلوانا يخفف عنه زمهرير الليلة تلك.كيفلا وقصده شريف.ومعشوقته محافظة.
اسرع الخطى وحادى الجدران الى ان وصل باب بيتها ،فارخى السمع قليلا قبل ان يدق الباب .
انها اول مرة في حياته يجازف بعرضه وماتبقى من مروؤته ،واقسم في نفسه ان تكون المرة الاخيرة ،إن طلع الفجر وهو بضلوع سليمة.
لم يسبق ان عرف الناس عنه الا اتقاء الشهوات ولم يشر اليه اصبع من قبل .كاد ان ينتصر لمروؤته لولا شيطان الجوع الذي وفر الاعذار للاستمرار في حماقته تلك..
كان الصمت مسيطرا الا من المطر المتساقط بهدوء واستقرار.
أما الوجه الثاني لهذه العنترية الغريبة ،اي ،المعشوقة فقد صدقت حدسها أن زائرها الليلة لن يكون اخا ولا اختا،الا ذلك الشبح الذي ماانفك يراودها على نفسها كلما جمعت بينهما صدفة او لا صدفة ويتلصص النظر اليها ،لقد حاولت معه كي يتراجع لكنها استسلمت اخيرا لمقدماته ولم تجد مانعا مقنعا من عودتها للتفكير في الارتباط برجل صادق النوايا .رغم فقره وعناده . فلم يساومها احد منذ ان طلقت ،وكادت تفقد اليأس من الرجال ،لولا هذا التعس ،الذي على الاقل اظهر اهتماما بها ،ومن يدري قد تتبدل الامور الى احسن منها،وما العيب في ان تقبل الارتباط بشخص جاد ،وسيم ورفيق ،فعلى الاقل يؤنسها في ليلة حالكة باردة ماطرة كهذه؟!
،وهي في كوخها،تحرك الحنين عندها إلى جرأة المراهقة وملذات ايام الشباب ، فباتت تلحن احلامها باغنية شبابية تذكرتها وهي في حديقة بؤسها تلك،وسارت ترددها بصوت خافت وهي توقد نارا في موقد مطبخها وتضع عليه قدرا به ماء ،تركته يغلي ،وهمت بالنهوض الى غرفة مجاورة لتجلب بعض الدقيق .وكان ذلك كل ما ملكت يداها في خزائن كوخها، إذن فهي اشد فقرا من فارس وحدتها تلك،
كانت تحاول التخفيف من عبء بؤسها ،وتذكرت ايام طفولتها حين كانت تتردد على المسيد ،وهناك عرفته ،كانا يلعبان لعبة الغميضاء في كل اركان المسجد،كلما غاب الفقيه عن تلامذته ،وتفكرت كيف كانا يتبادلان البحث عن بعضهما بعد العد الى عشرة،وكيف كان ممتعا ان يكتشف احدهما مخبأ الآخر ،كلما دار الدور عليهما اختباء او بحثا حسب قانون اللعبة...كانت زوجة الفقيه تتدخل اذاماسمعت ضجيج التلاميذ وكانت لا تفقه حرفامكتوبا ولا مقروءا فتأمرهم بالرجوع الى الانضباط وحمل الواحهم وتقول : قراو قراو ! قولوا قولوا قولوا ! وكان ذلك كل ما تعرف .رغم كونها زوجة فقيه عالم.
سمعت المعشوقة نقرا بسيطا وكأنه على بابها ويكاد لا يسمع لغلبة صوت الامطار والرياح. لكن نداء خافتا من وراء الباب جعلها تتيقن انها بصدد زائر او طالب مؤونة ،لم تتاكد ان الطارق جاء من اجل كلاهما حتى فتحت الباب وكاد قلبها يستدعي الاسعاف حين رات محنونها واقفا امامها ،كان يتلعثم بكلمات شبه مضطربة من شدة الخوف ولعدم التأكد من ردة فعلها اذا ما طلب الاذن بالدخول.
وعلى كل حال جعلها تفهم مراده بشكل غير مباشر ،لمجرد اتاها زائرا في ذلك الوقت المتاخر وفي تلك الظروف.
حاولت تجاهل الموقف ،فلم تكن بحاجة الى كلام اطراء اومجاملة معينة ،كما هي عليه العادة في البلد ،فالامر واضح ،والكرة صارت في ملعبها ،ورغم ذلك سألته :ماالذي اتى بك الى بيت امرأة معزولة مطلقة في هذا الليل ؟الا ترى ان للحيطان عيون ،وان كلام الناس اشد فتكا من السياط؟
فقال :ليتني لم آت في مناسبة كهذه ،وكان علي ان اتي البيوت من ابوابها نهارا وجهارا ،فلم يبق لي غير ذلك لأفعله لعلك ترضين بي ،والآن وقد حصل ما حصل ،فلا ارى باسا من دعوتي للدخول للحديث معك في امر كهذا تماما ،فإن لم يرضيك عرضي فلن اكرهك على مالا يرضيك ،وساخسر مستقبلا ،وزوجة وابناء ،وانت تعرفين انني ما وثقت في امرأة غيرك ،....
ادخلته وهي لاتصدق ان الشبح الملاصق لاهدابها تمكن اخيرا من دخول بيتها ،لقد تفنن في اقناعها ،وهي من فتحت له رغم مظاهر خوفها وترددها.
لا ننسى ان الرجل اتى من اجل الطعام اولا ،ولكن كذلك من اجل البحث عن حل لموضوع من يشاركه همومه وحياته ،ويستأنس بدفئه اكثر من مجرد ليلة ماضية كالبرق .لم يكن الرجل متعجلا ولم تولد بعد في ذلك الوقت هذه المستويات من الشهوانيات والطيش الصبياني في بعض رجالنا .
اجلسته قرب الموقد وراح يستدفء بينما هي ذهبت الى الغرفة تبحث عن الدقيق وفي يدها قنديل يصدر منه ضوء خافت .
فكر الرجل في بطنه قبل اي شيء،رفع غطاء القدر خلسة واضاف اليه بعض الماء من قلة موضوعة بالقرب منه بها ماء ،كانت فكرته ان المراة حين تاتي بالدقيق سيكون عليها وضع كمية اكبر منه ليوازن مقدار الماء المغلى..ولما فعل ارتاح لفعلته تلك وضمن كمية تكفي من الحساء لكبت الجوع ....فجأة سمع صوت صبي ضعيف النفس مبحوح النغمة ،وهو يخاطبه من ركن في ذلك المطبخ النصف مظلم : "واخا ، آردي تاشك إيمي ،راداس إنيح أقبيل إزويد أمان إتكينت !"
اي < :مهلا ،ستاتي امي بالدقيق ،وساخبرها انك اضفت الماء بالقدر >
استغرب الرجل لماذا لم يلاحظ وجود صبي بحجم ابريق في المكان ،وهو يراقبه وفوق ذلك يستطيع الكلام .وكيف انه لم يكن في علمه ان معشوقته لها ولد ،
فلم يستسغ للحظة ان تكون شريكته امرأة ومعها ربيب ،خاصة من ذاك النوع .فاندفع وخرج ،وغادر ديار ليلاه ،يلعن حظه ويستصغر نفسه الامارة التي قادته الى هكذا موقف .
رواية نقلت عن قدماء ايت ايكاس بتصرف بسيط.

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك