ععععععععععع

يحكى أن


عبد السلام ادير
كان يا ما كان في سالف الزمان ،وبسبب الجهل والغزو والطوفان ،كان بين القبائل في الوطن الواحد ،منافسة وصدع حد الإحتقان. وبنفس السبب كان بين ايكاسة وبني يحيى، بعض الشنآن.حتى بداية القرن الماضي.
لكن السكان في الضفتان استطاعوا دائما رأب الصدع ولتعايش في امان ،ورغم ماكان متبادلا بينهما من مناوشات عابرة ،لم يسمحا بتطاول الاجرام مثل ما نراه الآن والعوذ بالله.
عاش "بريك " في مطلع القرن الماضي ، جزارا في الاسواق الاسبوعية المحلية ،وكان يقتات من شراء معزة او اثنتين يوميا ،وذبحها وبيع لحومها اقساطا معينة دون الحاجة لوزنها على شكل اكوام يتفاوض الشاري على سعرها.
كان من بين زبناء العميري الجزار في اسواق تارودانت ،امرأة ارملة متقدمة في السن،وكانت ترافقها حين التبضع ،فتاة شابة هي ابنتها ،تعرفتا على الجزار بشكل لا يمنع العجوز من ارسال بنتها نيابة عنها لاخذ اللحم الاسبوعي.
أعجب الرجل بها من دون النساء وكان بدوره غير متزوج .كان يجود ببعض المجانيات على فتاته تقربا منها ومن امها الكفيلة الوحيدة لها في بيت بسيط للغاية.
وطد الجزار علاقته بزبونته ،وتقدم يوما فتزوجها واسكنها بيته في اولاد يحيى. وانجبت له طفلة وحيدة .
وبطبيعة الحال لم تطق الحماة يوما ان تبقى وحيدة ،فاكثرت الزيارات لبيت ابنتها ،بل وتمادت فحاولت ان تجعل صهرها وزوجه ينتقلان للسكن معها في المدينة ،لكن رفض الرجل اتى شديد اللهجة والوعيد، ..ورفض المساس باستقراره .
أبت العجوز الاستسلام ،ولم ترد ان تموت وحيدة في خربتها ،فحركت ترسانة اسلحتها واستمر الكر و الفر بينها وبين صهرها حتى كبرت الفجوة ونشب العداء وتمخض عن ذلك طلاق الجزار لامرأته على مضض.
يأتي دور الانتهازيين وشياطين النميمة وهواة اللواط ليؤجج عند الرجل الجزار الاحساس بالمهانة ومن تم الرغبة في رد فعل انتقامي بشكل ما ..ردا للاعتبار لرجولته وكلمته حسب ضميره.
مضى وقت مضني قبل ان يتمكن الجزار من اعادة دق باب العجوز وطلب نسيان الماضي واعادة المياه الى المجاري.
كان الوقت عند الاصيل لما خرج على ظهر حماره من بيت حماته ومعه ابنته راكبة، وتبعته الزوجة وام الزوجة تمشيان على الاقدام. 
لم يسلك "بريك " الطريق المعروفة ،لشيء في نفسه ،بل راح يلتمس اطول طريق ممكن وغروب الشمس يعد بانتشار الظلام .لقد اقنع قافلته الصغيرة ان تلك الطريق التي يسلك بها ،رغم طولها فهي آمنة ولا يعرفها اللصوص حسب زعمه.لقد مر عبر غابة ايت ايكاس شمال محطة الطيران المعروفة اليوم ،ومع الوقت وجدت العجوز نفسها وسط غابة مظلمة قاحلة ، تحت خطاها بين اشواك السدر والحجارة ومعها ابنتها،بينما الجزار سبقهما مع طفلته بنصف ميل.
فجأة أوقف دابته ،وأنزل الطفلة وهي ترتعد من الخوف وتقفز من الرعب كلما سمعت اصوات الوحيش وعواء الذئاب.
أنزلها ابوها بهدوء ووضعها ارضا واخرج سكين جزارة وذبح الطفلة ببرودة دم.وتركها تشهق موتا وعاد الى العجوز وكانت في الرتبة الثانية قبل زوجته في مسابقة المشي تلك الليلة وليس فحسب،فقال لها :هلا اسرعت قليلا لتري ما بالطفلة فقد جائها غثيان او ما شابه..
أسرعت العجوز التعسة ورائه ،لتفاجئ بالطفلة وسط دماء ما زالت تلفظ آخر الأنفاس..
إنقض على العجوز وأركنها تحت رجليه وبرمشة عين ذبحها ذبحة ماعزة .
بقيت آخر الضحايا زوجته،حاولت الهرب لكن الغلبة في الظلام تكون عادة للأقوى والأسبق إصرارا وترصدا. فنالت ما نالته الأخريين ،ذبحة متقنة وببرودة دم كذلك .
جمع القاتل حطبا كثيرا واشعل نارا فاحرق الجثت ،وكان بعض الصيادين الليليين الايكاسيين آنذاك، رأوا النار من بعيد،لكن كان اشعال النار للتدفئة مشاعا بين الصيادين ذلك الوقت.
لم تنكشف الجريمة الا بعد اسبوع ،فانتشرت الادعاءات والتخمينات لمعرفة الفاعل . ونزلت سلطات الحماية الفرنسية بثقلها ومساطرها على قائدي قبيلتي ايت ايكاس واولاد يحيى للتوصل الى الجاني.
" مايمكنش يكون لي عمل هادشي قد شلوح ".وكان القايد احميدة يعني بكلامه من يعني .واضاف :".اتحدى ان يكون غير ايكاسي واراهن بخمسة وعشرين الف فرنك ان لم يكن كذلك."
أما القايد ابراهيم من تالامت يرد عليه بكل ثقة ان الايكاسيين بريؤون مما يفترون.
بعد ايام توصل البحث الى ان الفاعل هو الجزار بريك، صهر العجوز ام الفتاة الحسناء ...! لكن الجزار بعد فعلته كان يقضي ايامه مختبئا في ادغال وادي سوس واشجار ضفافه الكثيفة ولا يات إلى بيت أخت له إلا خلسة ليلا لغرض سد الرمق ،حتى قرر يوما الهروب الى دكالة..
باوامر مخزنية فرنسية صارمة أرغم إخواننا من ضفة الواد على تشكيل طوفان بشري ومشط ادغال الواد حفرة حفرة وشجرة شجرة..ولكن الجزار لم يرى له أثر. حتى نطق احدهم يوما،واقر انه يعرف صديقا للجزار في دكالة . كان يذهب لزيارته بين الوقت والآخر.
أرسل قائد البلاد اقوى رجل في حرسه ومعه اذن وامر بالقبض على الجزار متى وجد.
وصل الجندي "المخزني الزاوي " بعد اسبوع من رحلة شاقة الى احضان بلاد ابي شعيب الدكالي ،وكان عارفا بالمنطقة ،ولم يلبث ان ترائى له "البريك " وهو يراقب مجموعة عمال حصاد ويحثهم على العمل.تحقق منه دون لفت انتباه ،وتوجه بأمر القبض إلى شيخ القبيلة هناك ،الذي رفض وتكبر على تنفيذ أوامر تاتي من الجنوب ،مما جعل "الزاوي "يتوجه برسالة الاوامر الى قائد تلك المنطقة ، فأرسل معه ،إضافة إلى زجر الشيخ ، رجلين من قوات المخزن قوويين ،زودهما ببغلتين من حظيرة الشيخ العاق،فتوجهوا الى مكان المجرم واعتقلوه واتوا به الى حيث ياخذ نصيبه من العدالة على يد "الجمعية" التي كان يحكم من خلالها النصارى ويبثون في قضايا المنطقة.

( ملحوظة :الاسماء المستعملة فقط مستعارة .)

0 ردود الأفعال :

إرسال تعليق

تعليقك هنا...................

اختر اللون الذي يناسبك